حينَ قرّرني الغياب , كنتُ وحدي , وحدي تعني فقط بدونك .
منذ عرفتُكَ غيّرتُ طريقةَ استخدامي للألفاظ , أقولُ وحدي عندما أعني أنّكَ لستَ معي , و أنّي حزينة حينَ تبكي أكتافي مرارةَ انشغالِكَ عنها و أنّي راحلة حينَ تُشيحُ بصوتِكَ عنّي ..
ليسَ غريباً أبداً أن تتغيّر أشياؤنا و أولويّاتُنا من أجل من نحبّ , الغريبُ أن تأخذَ كلُّ الأشكالِ طابَعَ من نحبّ و تتحوّلُ كلُّ العواطِفِ إلى مصدرٍ واحدٍ .. هو من أحبّ !
هكذا كنتُ انا , غريبةً في كلِّ شيءٍ معك , تماماً كما كنتُ غريبةً مع كلِّ أحدٍ بدونك .
لا ترفَع دهشتَكَ و تحدّق في صمتيَ المنطلقِ من أعلى فوّهاتِ جرحيَ الثّائر , دعكَ من أنفاسيَ المتقاطعةِ مع الحروف , تستطيعُ حتماً تخمينَ الحروفِ الّتي أبتلعُ لأجلِ أن أواصلَ الحياةَ .. و الحديثَ إليكَ في غيابك .
امرأةٌ مثلي قادرةٌ على ابتكارِ عالمٍ كاملٍ من كلمةٍ تقولُها متلعثماً , قادرةٌ على أن تنفجرَ صمتاً , حينَ يُفاجئها صمتكَ بالكثيرِ من الظِّلال .
امرأةٌ مثلي تعشقُ الشّمسَ و نيسان و ترتدي حلّةَ الحزنِ ترَفاً بالشّوق , قادرةٌ على أن تُمطركَ بالحضور حينَ تعجزُ عن استبدالِ صمتِكَ بالغياب .
كنتُ دوماً أتساءل : هل نحبُّ من نُشبِه , أم نُشبِهُ من نحبّ ؟
أم أنّهُ الحبُّ يخلطُ بين الأشياءِ بفوضويّةٍ محبّبة , يقلّبُ المشاعرَ على نيرانِ الشّوقِ فيصنعُ منها مزيجاً خطيراً قابلاً لكلِّ شيءٍ .. إلّا التّجمّد !
و ربّما كانَت أنانيّتنا من تحوّلُ الحبَّ في أعيننا إلى مخلوقٍ على مقاسِ رغباتِنا و أحلامنا و أمنياتِنا , بتجاهلٍ كثيرٍ لاختلافِ الآخر , لعمقِ ظنّنا بأنّنا نتشابه !
أنا كنتُ كلَّ ذلك , و هناك خلفَ قفصٍ صغيرٍ كانَ يناجي قلبيَ الصّغيرَ يديكَ كي تُخرجَهُ من النّبضِ إلى اسمك ..
يحدثُ ألّا نسمعَ صوتاً عالياً , في حينَ تنخفضُ كلُّ الاصواتِ حولنا و تسرقُ تركيزَنا , لا لأهميّتها بل لانخفاضِها عن مقدارِ الوضوحِ حتّى لو كانَت هدراً للقلب ..
و ربّما كُنا نُغفلُ صوتَ حلمٍ , آثرنا أن يبقى في غياهبِ النّومِ السّريِّ اللّذيذ , على أن تلفحهُ حرارةُ الواقعِ بفجرٍ قد يكونُ مُشرِقاً .
كنتَ أنتَ دائِماً على حافّةِ الأمان , و قبلَ الغرقِ بنبضٍ, تلكَ المسافةُ الفاصلةُ بينكَ و بينَ الشّوقِ دائماً , كانَت ملجأكَ الوحيدَ منكَ , و انتظاركَ الوحيدِ لي .
ربّما لم نتّفق و لم نتشابه ,
لكنّنا حتماً
غرقنا
معاً .
الثلاثاء، 28 أبريل 2009
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك تعليق واحد:
لغة راقية
وإبداع واضح
أتمنى منك المزيد
إرسال تعليق