الخميس، 5 يونيو 2008

و احمّرَّ الحجرُ خَجِلاً !






سأل أمّه ذات يوم : لماذا تتلوّن السّماء بالأحمر كلّ مساء ؟

فأجابته : إنّه خجلُ الشّمس من القمر .

ولكنّ رأسَه الصّغير الممتلئ بالأسئلة ما كان ليكفّ :

- ولماذا يحمّر التفاح في بيّارتنا ؟

- خجلاً من الشّمس .

- وهل تشعرُ كلّ الأشياء بالخجل مثلنا ؟

انحنت أمّه عليه لتطبع قبلتها التي اعتادت بها الإجابة عن أسئلته العقيمة , وتابعت حياكة كنزته الزرقاء المزيّنة بخطوط حمراء خجولة .

كان خالد كلّ يوم يحمل سلّة الطّعام التي تعدّها زوجة عمّه ويحملها إليه في مخبأه في الجبل , كان هوا لولد الوحيد الذي يستطيع فعل ذلك , هكذا قال عمّه يومَ اشتدّ الحصار على قريتهم الصّغيرة وقررّ أن يقود الجماعات المُقاتلة في الجبال .
كان خالد لا يمكن أن يُثير الشَّكّ في نفوس أولئك الذّئاب - كما كان يطلق عليهم أبوه - لأنه يبدو أصغر بكثيرٍ من سنّه فقد كان يُعاني من قصر النّمو . إضافة إلى أنّه ولدٌ ذكيّ جداً فقد كان يعبر ثكناتهم المزروعة على طول الطريق المؤدي خارج القرية دون أن يفكّر أحدهم أن يسأله شيئاً ما .

يوم الجمعة اعتاد أن يصلّي في المسجد مع والده ثم يحفظ بعض الكلمات التي يقولها له ويذهب بها مع سلّة الطعام إلى عمّه .

في ذلك اليوم قال له أبوه كلماتٍ غريبة : قل لعمّك " التفّاح أصبح ناضجاً وحان موعد قطافه " رغم أنّ الربيع كان في بدايته .

عندما وصلَ للجبل , خرجَ عمّه ليأخذ منه ما يحمل . ولكنّه اكتشف على الجهة الاخرى من الجبل قواتاً من العدو تحاصرهم ولم يبقَ لديهم سوى الفرار باتجاه القرية , كان همّه الوحيد خالد .. حملّه وركضَ به وعندَ مشارف القرية اشتبكوا مع قوة جديدة وخرج اهل القرية للمساعدة .. وتعالت أصوات النار ..

وسقطَ خالد مضرّجاً بدمه الذي سال على الحجارة.. وتركضُ أمّه نحوه لتحتضن أنفاسَه الاخيرة على صدرها ..

فيقول : أرأيتِ يا أمّي , حتّى الحجر احمّر خجلاً من دمي !

هناك تعليق واحد:

عبدالعزيز يقول...

مختلفة ,أجمل مافي القصص أن نلتقط الفكرة ونمشي بها على مهل إلى نقطة معيّنة حيث تكون الفكرة مكتملة النموّ والدهشة! , فعلا قرأتها وأعجبني وأثّرت بي كذلك

في غاية الروعة