الخميس، 5 يونيو 2008

ضاد





لا تزالُ الكتابةُ إليكَ , مغامرةً مُدهشَة ,

تحمِلني فوقَ احتمالاتِ الموتْ و تطيرُ بي عبرَ لعناتِ الظّلام الشّاردِ ,ثم ترميني فوقَ بحرٍ من الرّمالِ المتحرّكة ,

لأدورَ وأدورَ وأنتهي فوقَ هَرمِ خيباتي , بدونِك / مَعَك .

لا تزالُ الكتابةُ إليكَ ربيعاً , ربيعاً ,

مطراً مطراً ,

وعنفوانَ سحابةٍ آثرتِ الرَّحيلَ حيثُ شتاءاتُ الدّمْع ذاتِ الدّم.

لا تزالُ تعاريجُ الورق الممدّدة على طاولةِ الذّاكرة , تَشكُو بياضَها المُمتلئَ بكَ , و تمارسُ الفقدَ أمامَ محابرِ الفرحِ المُستعار ..

لا تزالُ خيوط أولّ الفجر الرماديّة تتسلّل إلى حجرات قلبي المُظلمة , لتكشفَ وجه العشقِ المتنكّرِ بك ,

وتعيدَ للمطر نشوتَه الاولى باحتضانِ الأرض .

.
.

وأسألُ نفسي : لماذا لا أحبّك ؟

فتجيني شهقاتُك المعلّقَةُ كدمعةٍ على وجهِ الغياب ,

يُجيبني الحزنُ المعتنقُ تعاليمَ الدم ..

تُجيبني ألغامُ الدّهشة المتفجّرةُ في سكينتي و بُعدِك ..

تجيبُني تلكَ الطّفلةُ المصلوبةُ في داخلي , الـ مطعونَة الفرح , الـ مسلوبَة الذّاكرة , الـ مضرّجةَ بالخُذلان ..

أن لا غيمَ بلا مَطَرْ .

.
.
.

وأعودُ إلى أعماقِ الجُرح , هناكُ حيثُ اعتلى المُرجانُ , ايقاعَ نبْضي بك ..

لأُعلِّمَ قلبي الطّاعةَ العمياءَ للحُزن ..

وأَعلِّمَ أنفَاسي رَتابةَ الوقتِ و انْتظامَ الظّلام ..

لأعلّم نبضيَ الجامحَ , حرفةَ الانتماءِ للنّسيان بدلاً عن المَطر .

ثم أرقبُ العشبَ الأسودَ يسدّ مساماتي , فتتنفّس الأحجارُ من حولي .

.
.
.

مُستنزّفةُ السّعادةِ .. أنا بِك .

مُترعةٌ بالفقد , أتقمّصُ أكفانَ ذاكرتِنا معاً , و أنسحبُ فوق بحيرةِ حبّنا المتجمّدة , لأرقصَ معك / بك / بدونك

وتتكسّر تحتَ أقدامي , قطراتُ المطر , فتغرقُ أشلائي , هُناك حيثُ صنعتَ من زهرِ اللّيمونِ نعشاً أخيراً للحب .

حينَها لا أدْري أينَ ابتدأَ دَمي وأينَ انتَهى شِريانكْ .

ولا أدري هَل سبقَكَ برقُ لهفَتي إليكْ , أمْ أنّ صدى رعدِ غيابِك , أصمّ البصرَ فلم يعد يُدركُ سواك .

.
.
.

تعبتُ من تمثيلِ دور العاشقةِ التي لا تتعب ..

أرهقني دورُ التّضحيةِ و انتماءاتُ الوفاء ..

لا أريدُ لجنوني بكَ أن يبقى ممدّداً في مشرحة ,

ينتظر رحمتَك به , لتستخرجه من جثّة المسافاتِ المرصّعةِ بالوطن ..

ضحكاتنا القسريّةُ و بكاءاتنا الملّونة , و أفراحُنا المبتورة ,

وأرواحنا الضّالّةُ لم تعد تُنجبُ الدّهشَة ..

أصبحَت تتعالى في أهرامٍ خيباتنا , وتتوالى كاحتضاراتِ الفرح في غيابِنا الممزوجِ بطعمِ المكابرةِ المُصطنعة .

موتي لن يتكرّر , و السّحاباتُ الباكيةُ فوقَ صدرك , كَفَرت بالهجرة الموعودةِ إلى مواطن الدفِْ ..

ما عادَ يعنيني أن أكونَ انت , تكفيني كلُّ تلك الخرائب التي خلّفها الغيابُ في داخلي ..

.
.
.

دعني احتضنُ الوطنَ وأبكي ,

دعني ألملم دموعي المضرّجة بالفقد , لأخيطَ بها جُرحي المكابر ..

وأغمضَ عينيّ لأحلمَ بك ,

كصوتِ البحرِ في حقولِ الهذيان

ليست هناك تعليقات: