الأحد، 29 يونيو 2008

ما كانت الحسناء ترفع سترها !



ولأنني أنثى عربية تتسمّ بالخجل و الصمت والسكوت والرضوخ والخضوع وكل الصفات المستمدة من أبجدية شهرزاد في حكايات ألف كذبة وكذبة , سأقوم هنا بالخروج عن ملّة المراءاة وأكتب بقلم يشبه سوط جدّي الذي كان دائماً معلّقا وراء بابه الحديدي يحمله ويركض به وراء أولئك اللصوص الذين كانوا بختلسون ليلاً طمعاً في حرمة بيتنا القديم !

أريد أن أقول " لا " للكثيرين المختبئين خلف عباءات النقاء , أولئك الذين شربوا من الينبوع السّحري لذكورة مجتمع اتخذ من الأعراف والتقاليد قشوراً لا تغني ولا تُسمن من جوع !

أولئك المختبئون خلف أبجديات اللغة يمارسون الكتابة " ترقيما " أو ربما " تفحيطا " وفي كل الاحوال " معاكسة " تخلو من كل معاني النّفس المهذبّة التي تحترم الآخر مهما كان جنسه وجنسيته !

وربما كان من المفيد هنا رشّ بعض الماء على وجه الصدق والنخوة والشهامة التي جعلت المعتصم يسير بجيش جرار يلبي نداء امرأة التجأت ذات ظلم لرجولته !

لست هنا لأطالب بمساواة أو حرية أو عدل .... هذا ما سأفعله في مكان آخر .. أنا هنا فقط لأقول لهم استيقظوا من أحلام شهريار الذي كان يشير للنساء بالبنان فيأتينه خاضعات خائفات من بطش سيفه .. شهريارا رحل يا سادة منذ زمن و الليلة الأخيرة من لياليه الألف كانت شاهدة على ذلك !

أنا هنا لأقول لهنّ .. إذا قمنا بالسكوت كلّ ما تعرضت واحدة منا للظلم أو لسوء الظن أو للاعتداء على ا لحرية أو الكرامة أو الكبرياء أو المشاعر على يد أحد " الدون جوانات " , فستستطيل أفعالهم و سيظنون أن النساء خارج حرمة بيوتهم .. لا حرمة لهنّ وأنهن يسيرات الوصول . قريبات المنال !

ولأولئك المستقيلين من هذا الواقع البشع الملّوث .. أولئك الأنقياء بحق .. الذين لا يتشدقون بانتصاراتهم و يمارسون أدوار كازانوفا في كلّ قيلٍ وقال .. لا تكفي البصيرة يا سادة .. إذا ما فُقد البصر !

لا لحسن الظن ,, ومرحباً بالوقوف كغصة بين كل حرفٍ !

وللحديث بقيّة عند أولي الألباب !


الجمعة، 27 يونيو 2008

ظلٌّ مقطوع


على الكرسيّ المجاور لها سمعته يردد :


اللهم يا بديع السموات والأرض , ترفّق بها , فوحدك تعلم مدى حبي لها , اللهم ارزقها من لدنك رحمة تتساقط على وجعها رطبا جنيا .


كانت عيناه الدامعتان , تسلبان قلقها نحو تلك الغرفة المجاورة لغرفة أختها , وعندما علا صراخ طفلٍ صغير من تلك الغرفة , تهلل وجهه بالفرح , و تساقطت انهار دموعه تشكر الله بصوتٍ عال . ثم أخرج من جيبه ورقة نقدية و دسّها في يد الممرضة التي جاءت لتخبره بأنه رزق بمولود ذكر , بعد أن بادر هو بسؤالها : وكيف حال زوجتي ؟


في داخلها , كانت هي تغبط تلك الموسومة بالوجع في تلك الغرفة , و التي تحتضن الآن فرحة زوجها , و ابنها الذّكر .في الحقيقة كانت هي تغبط أختها أيضاً , رغم خوفها عليها , واتهامها لها بالغباء , فهذه هي ولادتها الخامسة ..

هي تحاصر نفسها بالأطفال و تقيّد حريّتها و جمالها بهم .ولكنّ أختها كانت تضحك دوماً , و تخبرها بأنّها حاملٌ من جديد .


بعد قليل أخبرتها الممرضة بأن أختها أنجبت بنتاً وأنها بخير , وبعد أن اطمئنت عليها تركتها مع زوجها و ذهبت لمكتبها فالمدير لم يسمح لها بأكثر من ثلاث ساعات اجازة .

عادت للعمل , جلست وراء مكتبها و انهمكت في الملفات المؤجلة أمامها و لكن صورة ذلك الرجل لم تفارقها , ولا صورة عينيه الدامعة .

في المساء مدعوّة هي للعشاء مع وفدٍ من دولةٍ مجاورة , يقول مديرها أن هذا الاتفاق سيجر للشركة أرباحا كثيرة وان عليها و باقي محامي الشركة الحضور , للإشراف على وضع الشروط المشتركة للعقد .

متعبٌ هذا المساء , ككلِّ مساءاتها .. ستذهب للعشاء و قد تعود للمنزل منهكة و لكنها ستنام وحيدةً ككلَِ ليلة و ستملأ وسادتها ببحور الأرقِ الفائض في داخلها , وقد تسمع موسيقى باخ المفضلة لديها فتزيد ألمها بدلا من أن تزيح التعب الساكن عقلها .


منذ سنواتٍ طويلة , بعد أن رحل عماد وترك الزهور البكر التي تفتحت في قلبها له تقارع الذبول .. وهي وحيدة رحيله أكسبها الجفاء في تعاملها مع الآخرين , كلهم صاروا في عينيها عماد ..كان هذا ما يجعل توددها لرجل ما أمرا مستحيلا , و مجرد تفكير أحدهم بالارتباط بها ضربا من الجنون

.ورغم أن الوحدة أرهقتها ونالت من أنوثتها الكثير , إلا أنها لا تستطيع إلا أن تكون هكذا , كتلة من لهب مخبأة تحت رماد القسوة .


رائحة الدفء في منزل أختها , صوت ضحكات أطفالها , هموم تأمين حاجياتهم , نكهة الحب في طعام أختها ..كل ذلك كان يملأ داخلها بالدمع ..

وعندما زارت صديقتها سماح آخر مرة بعد غياب طويل جدا , فاجأها ذاك التورد الذي ملأ وجهها لتعلم أنها حامل في الشهر الرابع ..هي الآن توقن بأنها تحتاج إلى رجل , و لكن كبرياءها , و عماد كانا دوما في المنتصف !

لم يوقظها من أفكارها تلك إلا صوت الأستاذ عرفان الذي أخبرها بانتهاء الدوام وبأنه سيمر مساءا ليأخذ الجميع بسيارته إلى العشاء في الساعة السابعة

.في المساء كانت تجلس هي إلى جانب الأستاذ عرفان كبير محامي الشركة , و بجانبها مديرة العلاقات العامة للشركة الصديقة

.تحدثت هي كثيرا , عن المشروع الجديد , وعن إمكانيات الفشل و أرباح النجاح .. و كانت عيناها تتوقفان كل مرة تجول بهما على مستمعيها عند ذاك الرجل , الذي تم تعريفه بأنه المدير المالي للشركة الصديقة .كان يستمع إليها وكأنه يحتضن شيئا ما , كانت تشعر بأنه قريب منها حدّ استراق النفس , ولكنها تابعت بجفاء كعادتها

.في نهاية اللقاء و بعد أن تم توقيع العقود , قال لها : هذا رقم هاتفي , أتمنى أن أراكِ قبل سفري بعد غد .ولم ينتظر ليسمع إجابتها , صافحها بحرارة , و انصرف مع الآخرين .

لم تدري ماذا تفعل بيدها المحترقة , و قررت أن ترمي بتلك الورقة اليتيمة و تخلد للنوم بمجرد وصولها البيت .

ولكنها لم تفعل , لم ترمي الورقة و لم تنم , و لم تتوقف عن التفكير .

في الصباح خرجت إلى العمل , بقي همسه عالقا في أذنها , وعند استراحة الظهيرة وجدت يدها ترفع سماعة الهاتف و تطلبه ...

وجاء صوته كالمطر : أهلا بكِ , هل لي بان أراك اليوم بعد انتهائك من ا لعمل ولم تدري سوى أنها قالت نعم .


وسافر هو بعد أن ترك في قلبها ذاك اللقاء و الكثير الكثير من الأمل و الحياة , وخاتم خطبة زيّن شعورها , سافر و وعدها بأنه سيعود بعد أسبوع بعد أن يتقدم بطلب إجازة زواج .

ولم يعد ,

مر أسبوع و آخر ..

و لم يعد ..

كانت هي توقن بأنه سيعود , و بأن غيابه ما هو إلا طعنة وقتٍ فقط في خاصرة أملها العائد للحياة من قبور الجفاء القاتل ..


كانت تشعر بان عماد رحل من عينيها للأبد , وانه لن يعود بزيّ رجلٍ أعاد النبض إلى أوردتها .ولكنه لم يفعل ....


بعد شهر كانت هي ترقد صامتة في مستشفى الأمراض العصبية , تطالع السقف المدوّر كخاتمها , و على يدها لفّت برقية حملت خبر موته .

استسقاء !





حين صافحت أدمعي يداكَ لأوّل مرّة ,
نبتت في وجهكِ ألفُ غابةٍ عذراء اللهفة , ناضجةُ الحنين ..
أدهشني ذاك النّور المتسلّل بينِ شفتيك و هي تلثمُ شفتيّ المبللتان بالدّمع , دون أن نشعر..
يومها تسرّب إلى دمي بعضٌ منك , أصبحتُ أراكَ في وجهي , في يدي , و في صدري ..
أتحسسُ شفاهي بحثاً عنك , و أطالعُ وجنتيّ , لربّما كان هناكُ بعضٌ من عطرك , يشمّه النّاس فيكتشفون أنّك مغروسٌ بي ..

/

أتذكرُ يومَ علّمتني المشي على حافّة الفرح ,
و وقفتَ أمامي فاتحاً ذراعيك , تحثّني على أن أقفُ و أحرّك قدميّ ,
لأركضُ نحوَ صدركَ المطلِّ من بينِ أزرارِ قميصكِ المفتوح قصداً ؟
لا زلتُ أذكرُ كيفَ كانت ابتسامتُك تمسكُ بكتفيّ ..
و أذكرُ انّي تغلّبتُ على حزني , و على كرسيِّ الأمنياتِ المقهورة ..
و ركضتُ نحوك و في عينيّ لهفةٌ لاحتضانك , و عتبٌ لأنّك كنتَ تبتعدُ خطوةً خطوةً إلى الوراء .
كنتَ تريدني أن أتقنَ الفرح , و كنتُ اريدُ فقط الوصولَ إلى غاباتِ صدرك , و الارتماء في أحضانِ أوردتك .

/
حينَ أشتاقك , تطالعني صورتكَ في كلِّ مكان , على الأرصفةِ المهجورة , في خزائنِ الوحدة , و فوق جسورِ الغربة ..
و في أعمقِ أعمقِ أنفاقِ الأحلامِ النّائمةِ كشريدٍ هدّهُ التّعبُ فاستسلمَ لهُ ..

/

أنتَ .. يا كُلّي ..
طفولتي المسروقة .. فرحي المنسيّ .. آهاتي .. أنوثتي المرميّة على أطراف الواقع ..
وطني المنفيّ , صوتُ الرّغبة , و أمنياتُ النور ..
أتراكَ لا تسمعُ صوتَ رغبتي بك , كلّما التقت يدانا و أطلتَ أنتَ المصافحةَ , و استسلمتُ أنا لرغبتكَ بتجاهل عاشقة ؟
أتراكَ لا تقرأُ انفعالاتي , كلّما التقت عيناكَ بشفتيّ و رحتُ تمسحُ النّدى عن جبينكَ المشتعلِ و يتلعثمُ السؤالُ على شفتيك : كيفَ أنتِ ؟
أو ربّما تراقبُ صدري , يرتعشُ بالنّبضِ كلّما , اقتربت منّي ووضعتَ يديك على خصري , بحجّة دعوتكَ لي للرّقص على أنغام بحيرة البجع..
كلّ تلكَ الحرائقِ الّتي تتركها وراءكَ كلّما التقينا , كلُّ الأنوثةِ المتفتحة من بين أصابعك ...
كلّها تحكيني لكَ يا سيّد الفرحِ .. أمنيةٌ لا تتقنُ إلّاك .. و أغنيةً لا تعزفُ إلا لحنك .

/

أتراكَ ستحتضنني في لقاءنا القادم , كما تمنيّتَ دوماً و لم تفعل ؟
أتراكَ تتركني أرسمُ خطوطَ لهفتي على صدرك , و أضعُ أصابعي فوق شفتيكَ ,
لأمنعكَ من الهربِ من ارتباككَ أمامي , بقصيدةٍ حفظتَها عن ظهرِ فرحٍ , لتقولها أمامي , كلّما خانتكَ يداك ؟
..
سأردّد يا فرحي ..

أبجديّاتِ اللّقاء , حتّى تأتي فتحتضنُ أوصالي و تكتبني , قصيدتَك الأخيرة .




الجمعة، 20 يونيو 2008

على أهبةِ رحيل :


ربّما كانت أغنية أو طفلةً تائهة أو رسالة , كتبتها على أجنحةِ غيمةٍ , حملت في فمها غصنَ زيتونٍ و ورقةً صغيرةَ , و أمنية :


إليك ..

أيّها الواقفُ هناك , بعيداً حيثُ كنتُ يوماً أركضُ باتّجاهِ الأملِ الضّائعِ المجهول ,

أيّها المارُّ بأنثى عابرةٍِ في صمتِ الجليد, في احتضاراتِ اللقاءاتِ الأولى و في سَكناتِ الجسدِ الواقفِ على شفا موتٍ محتّم .

أيّها الواقفُ بين حنجرتي و رئتي , ترقبُ صوتيَ المشدودَ بك , و تلامسُ شُعبي الهوائيةِ , كطفلةٍ حزينةٍ ضلّت طريقَها في يومٍ ماطرٍ , و استكانت إليك .

أيّها المتشكّل على هيئةِ أحلامي جميعاً , المُشرقُ على وجهي كصراخِ الفجر , كقطراتِ الخجلِ على جبينِ الأزمنةِ العذراء , كشراعِ النّورِ في رحيلِ الأصيل ..

هاكَ أنا , كشبحِ ورقةِ قصيدةٍ هاربة , كتبتَها للرّحيل و منحتَها أغصانَ الزّيتون و أفواهَ العشب .

التقطني هناكَ من فوقِ رمالِ ذاكَ السّجنِ الممتلئِ بأنفاسِ الخطيئةِ الأولى , يومَ كانَ الرّحيلُ آخر بوّاباتِ العبورِ إلى الوطن , ثمّ امنحني لخلايا الوقت , لارتعاشاتِ اللغة , لأرقِ الليالي الوحيدة , هبَني ضلعاً من صدرِ دميةٍ مكسورة , أو خيطاً من ستارة نافذةٍ قديمة , و اترك عنكَ ندمَ الطّفولةِ و تعبَ الحرفِ الأوّل و استغفارَ الأمطارِ الرّاحلة , و حزنكَ على رعشةِ القلمِ إذ يمارسُ عثراتهِ بينَ يدي .

دعني أمسكُ بأكمامِ معطفكَ و أتشبّثُ بأزرارِ صوتكَ , و ألثمُ ثغرَكَ ببراءةِ القُبلةِ الأولى و أجرّبُ أن ألامسَ جبهتكَ بأطرافِ وجهي , ثمّ ضعني هناكَ في جيبك , كقصاصةِ نصٍّ مقهورٍ ارتكبهُ قلمكَ ذاتَ وجع , أو اتركني على مكتبكَ كصورةٍ قديمةٍ أو كدفترٍ لا زالَ يلهجُ بأنفاسِ رغبتكَ الأولى , خبأني تحتَ قميصك , أو بالقربِ من وسادتك , لتمرّ الأزمنةُ على قلبي و نبضكَ يرقيني من تداعياتِ الألم .


لا تنسَ ان تقصّ على مقعدنا في الحديقةِ البعيدة , حكايةَ فرحنا القديم , و رغباتنا المبتورة , و غيابكَ عنّي مُذ تركتُ طفولتي على أرجوحتي , و تقمّصَّني بكاءُ الرّمالِ المتحرّكةِ تحتَ أقدامِ حلمي الأول .

لا تسأل نفسكَ أين كانت بدايتنا , نحنُ بدأنا على حافّةِ جبلٍ شاهقٍ و بدأنا نتسابقُ باكتشافِ مغاراتهِ السّرية و أنفاقه المجهولة , و كنتَ انت , ذاكَ الممسكُ بحبلِ الغياب , تشدّهُ إليكَ كلّما حانت فرصةُ لقائنا , و تقصُّ من أطرافهِ كلّ مرّةٍ فراقاً حتميّاً .

و إذا أتيتَ تسألني عن النّهاية , فسأردُّ عليكَ بصمتيَ الّذي تكرهه , بإشارةٍ مبلّلةٍ تشي لكَ بأنّ الغيمَ نالَ ذاتِ العقابِ الّذي نالتهُ الدّهشة , حينَ ارتطمّت بعمودِ الوفاءِ المكسور .

ربّما تدركُ أنّك منحتني الاغتراب و الوطن , ثمّ عالجتني ببعضِ أحلامٍِ لاجئة , و ملاجئَ حالمة بقطعةِ خبز !

أو ربّما تعلمُ أنّني حينَ انتهي من كتابةِ هذهِ الرّسالة , قد أكونُ اكتملتُ كحبلٍ وثيقٍ من الأرقِ و الجروحِ و الطعناتِ الباردة , و أنّني سأمضي إلى أمّي أدفنُ رأسي في صدرها و أقولُ بجهلِ الطّفولةِ الأوّل , سامحيني لأنّي قتلتُني .

ثمّ ألتفتُ إلى النّوارس الّتي تغطّي سماءَ قلبكَ و أتساءل :

ماذا يحدثُ لو اقتحمتُ الأميالَ الصّامتةَ بيننا و ارتكبتُ عن قصدٍ اثمَ استبدالِ الوطنِ برجلٍ , و اللجوءَ إلى صدرهِ كمنفى , ثمّ الرّحيلَ إلى عينيهِ , حتّى لو كانت ستودعُ آخرَ أمنياتي مثواها الأخير ؟

ماذا سيحدثُ لو أنّي تركتُ أنفاسي معلّقةً على أغصانِ صدفة , و استبدلتُ مسكّناتِ الألمِ الهشّة , برقصةٍ أخيرةٍ ستفهمها وحدك , و ستبتسمُ و أنتَ تراني سعيدةً و تبتلعَ غصّة فراقيَ الأخير ؟

لماذا أردّدُ الأخيرَ كلّما تذّكرتُ لقاءَنا الأوّل ؟

لماذا أقنعُ نفسي بأنّ شجاعةَ الرّحيلِ يجبُ أن تعادل شجاعةَ الحضورِ الأوّل ؟

و لماذا أقفُ على بوّابةِ المنفى و أمنحني عذاباً لا يُحتمل , لمجرّدّ أن أتابعَ كتابةَ أبجدّيّتي البدائيّة المكلومةَ بالفقد ؟

لا عليك ... الشّمسَ تقارعُ هضبةً ما , لتخرجَ من أعماقِ البحر .
و في منتصفِ النّهار تنتصبُ بشعاعٍ قاتلٍ لتُحرقَ كلّ قطراتِ الماء , الّتي قرّرت اعتزال سجون الغيم و الموتَ بسلام .
و في المساء تعودُ بذاتِ الحنينِ الأوّل لتعانقَ الأرضَ و تبكي و تمنحني وجعَ الليالي المقفرة .


كنتُ دائماً ذاكَ الشيء الّذي يبقى و ترحل عنهُ الأشياءُ الأخرى , وحدي كنتُ هناك , أداوي جرحَ الطّرقِ المتآكلة و أقيمُ شعائرَ ولادةِ أوردةٍ جديدة , تقتفي أثرَ العابرين .

سأحبّكَ رغم ذلك .. رغمَ أنّ الحبّ لم يعد ممكنا

رغمَ أن الأمنياتِ اختفت من أحلامِ الفقراء , و أنّ الأصدقاءَ تداولوا آخرَ عملاتِ الخيانة , و باركوا أنفسهم بها ..

سأحبّكَ , رغمَ أنّ اللغةَ كفرت بأيديهم و بأقلامهم , و بكلّ أبجديّةٍ استمرأت المغفرة .

سأحبكَ , رغمَ رئتي الصّدئة , و صوتيَ المخنوق , و أرقيَ المتنامي في عيني ..

سأحبّكَ و أنا معك , و لستُ معك , و أنتَ معي , و لستَ معك ..


و ....

/


آخرُ شيءٍ كنتُ أردّدهُ قبلَ الهذيانِ بصوتٍ و شهقتين ...

كنتُ يوماً , جريدتَك و معطفكَ و فنجان قهوتك .. و ذاكرتك !

الاثنين، 9 يونيو 2008

[ بوصلةٌ لا تُشيرُ إليك ! ]

[ 1 ]


سأغمضُ رمشي الأخيرَ فوقَ دمعك , و لن أقولَ أحبّكَ بعدَ الشّهقةِ الأخيرة ..


أحبّك , لم أعد قادرةً على قولها بذاتِ اللّهفةِ الأولى , بذاتِ الهواءِ أقبضهُ في رئتيّ , و لا أودعهُ إلا ثغرَ يديك .


أحبّكَ , أشعرُ انها تستنزفُ النّارَ المضطرمةَ في جليدِ غربتي ..


أشعرُ أنّها تقتاتُ من حطبِ العمرِ المخذولِ الملقى على قارعةِ أنايَ المذبوحةِ في عينِ الشّمس ..


أشعرُ كاّنّها تلاحقني , كإبرِ مسكّناتِ الوجعِ المثخنةِ ألماً بي , المرميّةَ في دمي , كبقايا مطرٍ على حافّةِ ساقيةٍ منسيّة ..


كـ مقصلةٍ , تقطعُ عنقَ رغبتي بالحياةِ إلّا معك , و ترمي برأسِ الفرحِ على ناصيةِ النّسيانِ حتّى تعود ..

:
[ 3 ]



رجلٌ وطن ..

أمارسُ فيكَ حريّتي علناً , و سرّاً أحتضنُ كلَّ ذرّةٍ فيكَ حدّ التوّحد ..


أرتقي بحركَ و أقارعُ الموجَ الهائجَ في صدرك ,


و حين أعودُ لمرافئي السريّة بكَ / معكَ ,

تركضُ اناملي تطلب الغفرانَ من أضلاعك ..

:
[ 4]


رجلٌ وطن ..

كأغاني الانتماء على أوتارِ الأمنيات..


كفرحِ الأطفالِ في ليالٍ تسبقُ العيدَ بغفوةٍ و بعضِ ابتسامة ..

كموقدٍ يونانيٍّ يراقصُ ظلالَ أحطابِ طفولتي في مساءاتِ الهالِ و الزعفران ..

كشجرةِ سنديان شاهقةِ الحزن , لا تمارسُ البكاءَ سرّا , و لا تدندنُ بأوراقها أنغامَ الفقد الموجعة .

:

[ 5 ]



لن أقول أحبّكَ ..

كي لا تغتسلَ نسماتُ فجري بحلمِ لقائي بك ..

كي لا يتحقّقَ حلمُ الرّبيعِ بصيفٍ يوقدُ الذّاكرةَ بكَ ..


ليبقى حبّنا , كثمرةٍ غير ناضجة , تستقبلُ قُبلاتِ الشّمسِ , بعيدةً عن أعين العابرين ..

لأبقى أنا , كطفلاتِ الحكايا الهاربة , و تبقى كأميرِ الرّحلاتِ المرصودةِ لأحلامِ الفقراء ..

ليبقى اتفاقنا كانتشاءِ النّاي الحزين في حنجرةِ راعٍ

و يصيرَ اختلافنا كأنغامَ قيثارةٍ تداعبُ خصورَ الدّهشةِ في أعينهم الموسومةِ بالأرق ..
:

[ 6 ]





رجلٌ محبرة :

كقطراتِ تلعثمِ الحرفِ الأوّل على بياضِ أوراقِ البدايات ..



كبعثرةِ الحروفِ الهائمةِ بين سطورِ العشقِ الأوّل

كشهيّةِ ليلٍ للنّومِ في أحضانِ كتاب ذكرياتِ الرّعشةِ الأولى

كسحابةٍ تمضي في سراديبِ قوسِ قزحٍ , تمحو لعناتِ الماضي الغابرة و ظلماتِ الفرحِ الكاذب ..

:

[7 ]




لن أقولَ أحبكَ ..


كي تنتهي الأبجديّةُ عندَ كلماتكَ ما قبلَ الرّحيلِ بوجع ..

كي تقفَ حروفُ الوداعِ غصّة في حلقِ الأزمنةِ الصّامتة

و تراقبَ اللّغةُ مولدَ فرحي بين أصابعكَ , كالحرفِ التّاسع و العشرين بعدَ الفَرَح .

:


[ 8 ]



رجلٌ غيمة :

على بعدُ نَفسٍ واحدٍ من القلب , هاطلٌ برتابةِ المطر ..

بالقربِ من العينِ , وامضٌ كانتفاضةِ البرق ..

راعدٌ كصدىً يردّدُ في مسامعي :


ألهذا ننتنافرُ إذا التقينا , و نتجاذبُ حينَ الفراق ؟

:

[ 9 ]


لن أقولَ أحبّكَ ,

حتّى تحترقَ شواطئُ الانتظارِ بعتمةِ صدري

حتّى يخترقَ ضوءُ النّسيانِ مساماتِ الذّاكرةِ في صقيع أمنياتي ..

حتّى تتلاشى ريشاتُ عصافيرِ الشّوقِ على أشجارِ سمعي دائمةِ الخضرةِ بصوتك ..

حتّى يصبحَ الوطنُ : وطناً .\أجثو على ترابهِ فأقبّلَ وجهَ من رحل , و أحفظَ وجهكَ كآخرِ ذاكرةٍ في صدري ..

:



[ 10 ]


ربّما سأقولُ :

أحبّكَ ..

الخميس، 5 يونيو 2008

طاروا التّماسيح !






في احدى مسلسلات الكوميديا الرّماديّة , تبدأ الشّارة بـ طاروا التّماسيح ..

ومعلومكم أن التّمساح حيوان بر/ مائي لا يجيد الطّيران , و قدرته على الطّيران محصورة فقط في عقول البعض الذين يجيدون تقشير لحاء الشّجر و صنع ملابسهم منه .

و قد أثبتت الدراسات اللّاعلمية , أنّ التّمساح كائنٌ قادرٌ على ان يكون أفعى , أو ربّما ضفدعاً , أو حتّى حمامة !

العجيب فقط في كون التّمساح أحد أكثر الحيوانات قدرةً على البكاء !


وبعيدا عن تلك المقدمة أعلاه و التي ربّما نتجت عن تأثّري بشخصيّات المسلسل التي نجح أحدها في تطوير نوعٍ من البطيخ على شكل مكعّب , بدلا من الشكل الاعتيادي للبطيخ الأحمر و ذلك عن طريق وضع البطيخة في علبة صغيرة على شكل مكعب , و بهذه الطريقة التحكّم في مسار نموّ البطيخة حتّى تصبح ناضجة مكعّبة .. و هذه الطريقة بحدّ ذاتها , سياسة و استراتيجية لا تخلو من النجاح في السيطرة على الأمور من بدايتها , حتى لو كان ذلك عن طريق حشرها في مكعّب صغيرٍ ,أصغر من أرنبة الأنف !

وحتّى لا أشطح كثيراً عن ما أردتُ الكتابة عنه , سأقترب أكثر إلى بعض المفاهيم التي رسخّها في ذهني اطلاعي على سير أحداث و تطورات العلاقات الحقلية بين الأقطاب المتغيّرة في دورة التبادل الثقافي المشحون .

سنتفق على أن الانسان مجموعة من الأفكار , الخبرات , الثقافات المبنية على الاطلاع و الاحتكاك بالمجتمع و عناصره على اختلاف ألوانها و أشكالها و مستوياتها , ثمّ لننتقل إلى معالجة الانسان لتلك المعلومات المجمّعة واخراجها بعد ذلك في قالب الشّخصيّة بمختلف جوانبها .

هذا الإخراج تحكمه حتماً ظروف اقتصادية واجتماعية و عاطفية متعدّدة , ليخرج لنا في النهاية انسان متكامل من حيث الفكر و العاطفة .

اذن فإن اتحاد الانسان بمن حوله , هو ضربٌ من المستحيل , فالتوافق التام بالعناصر المذكورة أعلاه بين شخص و آخر لا تتجاوز نسبته , نسبة امكانية نمو بطيخة مكعبة !

التعامل مع هذا الاختلاف , يكشف الاتزان في الشّخصيّة , الاتزان في العناصر المكونة لشخصيّة الانسان , بدون أن نهمل طبعاً الحالة النفسيّة التي تحكمه في اوقات مختلفة .

وعوداً على بدء , فإن البطيخة المحجوزة في ذلك المكعب الصغير , لن تنمو طالما نحن لم نغيّر حجم ذلك المكعب تبعاً لمراحل نموّها , أو ربّما انفجر المكعب بما فيه لتنمو البطيخة - كردّ فعل - بلا خطّ سيرٍ محدد و بشكل مشتت قد يصل إلى التطرف !

أحد الاقتراحات التي خطرت بذهني , وضع البطيخة في مكعّب مطاطي , يتمدد بتغير حجمها , ولكنّي وصلت في النهاية إلى كون ذلك الحل غير مجدٍ نهائياً , لأن ذلك سيؤدي إلى نمو البطيخة العشوائي و انهدام الهدف من التكعيب !

فواصل :

- هناك بعض الأشخاص الذين لا يزالوا مصرّين على اقناعنا برؤيتهم للتماسيح الطائرة , بل وربّما باصطيادهم لها أيضاً و صنع المعاطف الملونة من جلودهم , ثم تبرعهم بها لأولئك الضعفاء المساكين الغير قادرين على تكعيب البطيخ !

- تقنيات العلم تطوّرت و النّاس أصبحت قادرة على استيعاب عدم جدوى شرب الماء ولو كان يبدو عليه النظافة , فربما اجتمعت في داخله بكتيريا قاتلة !

- البحيرات , المليئة بالماء الرائق , المحاطة بمزارع البطيخ المكعب , لم تعد قادرة على اقناعنا بعدم وجود التماسيح الطائرة فيها و أنّ سهام أولئكَ , الذين آثروا الانشغال باصطيادها على القيام بعملٍ مفيدٍ لنظافة البيئة , بعيدةٌ عمّن يبحثُ بالقرب منها عن بطيخة لم تخضع للتهجين القسري .

همسة :

ما كُتبَ اعلاه , كُتبَ باللّغة العربيّة الفصحى , و لا علاقة لأيِّ لغاتٍ أخرى به.

عزفٌ ماطرٌ على قيثارةٍ دمشقيّة !






و لأنّي أحبّكِ ...

سأكتب اليوم بأحرفٍ من عوسج ..

وسأبكي بدموع من صهيل ..

وسأرقص على شطآن وجعكِ .. كما لم أفعل من قبل !!

...

لأنّي أحبّكِ ..

سأركضُ بين تضاريس وجهك المتناثرة كأزقّةٍ حفرها الزمن

وشوهّها العطّارون في محاولة تجميل !

سأركض منها وإليها ..

وعبثا سأحاول .. أن أجدكِ فيكِ !


....

سأنصب أرجوحتي لتتدلى بين شجرتي اللّيمون في باحة دارنا

كيدان تتضرّعان للسّماء وترجوان عفواً يضمخّكِ بـ طهر !

وسأفتح صنبور ماء نافورة بيتنا القديم

ليصبَّ في عينيكِ زلالاً جادت به واعتاد الرجوع منها إليها !

سأقطف كلّ الياسمينات التي سأجدها تتراقص على كتفيكِ كأغنية

وسأصنع منها اكليلاً يتوّج رأسكِ و يؤكّد طهركِ من أعلى قممكِ إلى أقدمِ تعاريجك !

سأخترع فصلاً خامساً للعشق يكون اسمه أنتِ

ويكون للمحبين نبراساً يضيء لهم سعادتهم .... بـ نورك !

....

سأختصر كلَّ كلمات اللّغة لتصبح اللّغة أنتِ ..

والطّهر أنتِ ..

وهم المتمسّحون بأذيال ثوبكِ علّهم ينالون بعضاً من بياضكِ !

المتمرغون بآثاركِ عساهم يلبسون المجد ثوباً فضفاضاً ليس على قياس أمجادهم الواهية !

أرجوكِ دعي أشجار النّارنج تمارس آخر صلواتها بـ خشوع قبل أن يستبدلوها .. بـ حضارة !

واتركي عطرك الطّاهر يلّف صباحات الغيوم كـ ثوبٍ أبيض قبل أن يدنّسوه بأنفاسهم الرّمادية !

...

ثمّ ..

دعيهم ..

دعيهم يمارسون كل ما علق في أرواحهم من سواد ..

كل ما تكاثف في عقولهم من ضجيج ..

دعي أيديهم تتلطّخ بدمائهم المسفوكة كـ حلم بنهاية كابوس

دعيهم لضوضاءهم ...

سيرحلون حتماً ..

سيرحلون وتبقين ...

شامخةً كـ جبلٍ يرنو إلى سهلٍ بـ كبرياء

هادرةً كـ فيضانٍ يهدم بيوت الكذب

قريبةً كـ شهيقٍ لحظةَ تنفّسِ صُبح

بعيدةً كـ مجرّةٍ تحتضن النجوم وتمارس الشّهب

دافئةً كـ لغةٍ لحظة ولادة قصيدة

نقيةً كدمعة طفولةٍ ذات احتياج!

...

سيرحلون وتبقين

أمّ الياسمين

وموطن الأفئدة

و قبلة الأرواح !


...


غيمة تهطل دمشقاً !


01/10/2007

و احمّرَّ الحجرُ خَجِلاً !






سأل أمّه ذات يوم : لماذا تتلوّن السّماء بالأحمر كلّ مساء ؟

فأجابته : إنّه خجلُ الشّمس من القمر .

ولكنّ رأسَه الصّغير الممتلئ بالأسئلة ما كان ليكفّ :

- ولماذا يحمّر التفاح في بيّارتنا ؟

- خجلاً من الشّمس .

- وهل تشعرُ كلّ الأشياء بالخجل مثلنا ؟

انحنت أمّه عليه لتطبع قبلتها التي اعتادت بها الإجابة عن أسئلته العقيمة , وتابعت حياكة كنزته الزرقاء المزيّنة بخطوط حمراء خجولة .

كان خالد كلّ يوم يحمل سلّة الطّعام التي تعدّها زوجة عمّه ويحملها إليه في مخبأه في الجبل , كان هوا لولد الوحيد الذي يستطيع فعل ذلك , هكذا قال عمّه يومَ اشتدّ الحصار على قريتهم الصّغيرة وقررّ أن يقود الجماعات المُقاتلة في الجبال .
كان خالد لا يمكن أن يُثير الشَّكّ في نفوس أولئك الذّئاب - كما كان يطلق عليهم أبوه - لأنه يبدو أصغر بكثيرٍ من سنّه فقد كان يُعاني من قصر النّمو . إضافة إلى أنّه ولدٌ ذكيّ جداً فقد كان يعبر ثكناتهم المزروعة على طول الطريق المؤدي خارج القرية دون أن يفكّر أحدهم أن يسأله شيئاً ما .

يوم الجمعة اعتاد أن يصلّي في المسجد مع والده ثم يحفظ بعض الكلمات التي يقولها له ويذهب بها مع سلّة الطعام إلى عمّه .

في ذلك اليوم قال له أبوه كلماتٍ غريبة : قل لعمّك " التفّاح أصبح ناضجاً وحان موعد قطافه " رغم أنّ الربيع كان في بدايته .

عندما وصلَ للجبل , خرجَ عمّه ليأخذ منه ما يحمل . ولكنّه اكتشف على الجهة الاخرى من الجبل قواتاً من العدو تحاصرهم ولم يبقَ لديهم سوى الفرار باتجاه القرية , كان همّه الوحيد خالد .. حملّه وركضَ به وعندَ مشارف القرية اشتبكوا مع قوة جديدة وخرج اهل القرية للمساعدة .. وتعالت أصوات النار ..

وسقطَ خالد مضرّجاً بدمه الذي سال على الحجارة.. وتركضُ أمّه نحوه لتحتضن أنفاسَه الاخيرة على صدرها ..

فيقول : أرأيتِ يا أمّي , حتّى الحجر احمّر خجلاً من دمي !

قمّة .. بلا قِمَم !!


- في آذار المُقبل , تُعقد القمة العربية في دمشق

- بعض حكّام الدّول يقاطعون القمّة .

- الجامعة العربية تؤكّد على انعقاد القمّة في موعدها المحدد

- آمال وخيبات , تتحمّلها القمة العربية في دمشق و هي لا تزال في رحم التنفيذ .


- هذا ما سوف يطالعك لو قرات أو تابعت او قررت أن تجازف بعقلك وتفتح الشاشة الصغيرة أو تقرا الأخبار .

القمّة العربيّة , بدأت عام 1946م , حيث كانت قضيّتها الأساسيّة , فلسطين السليبة , هذا العام , ستبقى القضيّة الفلسطينية على مائدة القمّة وذاكَ من مبدأ الثبات على الموقف .

وإذا تتبعّنا تاريخ القمم العربية و انجازاتها , سواءاً كانت طارئة او غير طارئة , سنجد أن الكثير من القرارات العربيّة والشجب والتأييد , احتلت مكانها الأكبر في مزبلة التاريخ .

- العرب ببساطة بحاجة إلى اعادة تأهيل , إلى دورة تدريبية شاقّة في العمل الجماعي المشترك .
شيءٌ ما يجعلهم لا يتفقّون حتى على محاولة الاتفاق .

- اصرار الجامعة العربية على عقد القمة في موعدها ومكانها المحددين , و الاصرار المقابل على حضورها أو عدم حضورها , يُشبه أسلوب الأطفال الذين يصرّ كلٌّ منهم على البدءِ بلعبتِه التي اقترحها هو .

- الحكم على القمّة بالفشل من قبل أن تبدأ , فشلٌ آخر ..

- المشكلة ببساطة لا تكمن في قمّة انعقدت أو لا , أو في دولةٍ حضرت أو لم تفعل , أو تسلّمت دعوة أو لا . المشكلة ببساطة أن لا حبل للحوار , لا نقاط مشتركة تجمع الأطراف رغم أنها تجمعها .

ولحلّ هذه المعادلة عليكَ باللجوء إلى كُتب التارخ العربي منذ النّكبة وأن لا تدع لصفحة الـ 1973 مجالاً لتصيبك ببعضِ الأمل .

- الكثيرون يعقدون الأمل على القمّة في حلّ الأزمة الداخلية في لبنان , و الأزمةا لفلسطينية , والعراقية والسودانية والجزائرية والمغربية .. و الكثيرون يرون في المقابل أنها فتيلٌ لاشعال خلافاتٍ جديدة بين أقطابٍ أخرى .

- ما يُخيفني هو شيءٌ واحدٌ فقط , أن ياتي آذار ويحمل لنا ربيعاً على شكلِ أملٍ عربيّ جديد , بموقفٍ مشترك أكثر فعاليّة , فنصاب بالسّكتة القلبيّة من فرط السّعادة.

أمّا إذا حملَ خيبةً , فلن نُصاب حتّى بالزّكام , لأنه نملك المناعة والحصانة ( كحالِ النّواب العرب )!!








بتاريخ 29.02.2008

ضاد





لا تزالُ الكتابةُ إليكَ , مغامرةً مُدهشَة ,

تحمِلني فوقَ احتمالاتِ الموتْ و تطيرُ بي عبرَ لعناتِ الظّلام الشّاردِ ,ثم ترميني فوقَ بحرٍ من الرّمالِ المتحرّكة ,

لأدورَ وأدورَ وأنتهي فوقَ هَرمِ خيباتي , بدونِك / مَعَك .

لا تزالُ الكتابةُ إليكَ ربيعاً , ربيعاً ,

مطراً مطراً ,

وعنفوانَ سحابةٍ آثرتِ الرَّحيلَ حيثُ شتاءاتُ الدّمْع ذاتِ الدّم.

لا تزالُ تعاريجُ الورق الممدّدة على طاولةِ الذّاكرة , تَشكُو بياضَها المُمتلئَ بكَ , و تمارسُ الفقدَ أمامَ محابرِ الفرحِ المُستعار ..

لا تزالُ خيوط أولّ الفجر الرماديّة تتسلّل إلى حجرات قلبي المُظلمة , لتكشفَ وجه العشقِ المتنكّرِ بك ,

وتعيدَ للمطر نشوتَه الاولى باحتضانِ الأرض .

.
.

وأسألُ نفسي : لماذا لا أحبّك ؟

فتجيني شهقاتُك المعلّقَةُ كدمعةٍ على وجهِ الغياب ,

يُجيبني الحزنُ المعتنقُ تعاليمَ الدم ..

تُجيبني ألغامُ الدّهشة المتفجّرةُ في سكينتي و بُعدِك ..

تجيبُني تلكَ الطّفلةُ المصلوبةُ في داخلي , الـ مطعونَة الفرح , الـ مسلوبَة الذّاكرة , الـ مضرّجةَ بالخُذلان ..

أن لا غيمَ بلا مَطَرْ .

.
.
.

وأعودُ إلى أعماقِ الجُرح , هناكُ حيثُ اعتلى المُرجانُ , ايقاعَ نبْضي بك ..

لأُعلِّمَ قلبي الطّاعةَ العمياءَ للحُزن ..

وأَعلِّمَ أنفَاسي رَتابةَ الوقتِ و انْتظامَ الظّلام ..

لأعلّم نبضيَ الجامحَ , حرفةَ الانتماءِ للنّسيان بدلاً عن المَطر .

ثم أرقبُ العشبَ الأسودَ يسدّ مساماتي , فتتنفّس الأحجارُ من حولي .

.
.
.

مُستنزّفةُ السّعادةِ .. أنا بِك .

مُترعةٌ بالفقد , أتقمّصُ أكفانَ ذاكرتِنا معاً , و أنسحبُ فوق بحيرةِ حبّنا المتجمّدة , لأرقصَ معك / بك / بدونك

وتتكسّر تحتَ أقدامي , قطراتُ المطر , فتغرقُ أشلائي , هُناك حيثُ صنعتَ من زهرِ اللّيمونِ نعشاً أخيراً للحب .

حينَها لا أدْري أينَ ابتدأَ دَمي وأينَ انتَهى شِريانكْ .

ولا أدري هَل سبقَكَ برقُ لهفَتي إليكْ , أمْ أنّ صدى رعدِ غيابِك , أصمّ البصرَ فلم يعد يُدركُ سواك .

.
.
.

تعبتُ من تمثيلِ دور العاشقةِ التي لا تتعب ..

أرهقني دورُ التّضحيةِ و انتماءاتُ الوفاء ..

لا أريدُ لجنوني بكَ أن يبقى ممدّداً في مشرحة ,

ينتظر رحمتَك به , لتستخرجه من جثّة المسافاتِ المرصّعةِ بالوطن ..

ضحكاتنا القسريّةُ و بكاءاتنا الملّونة , و أفراحُنا المبتورة ,

وأرواحنا الضّالّةُ لم تعد تُنجبُ الدّهشَة ..

أصبحَت تتعالى في أهرامٍ خيباتنا , وتتوالى كاحتضاراتِ الفرح في غيابِنا الممزوجِ بطعمِ المكابرةِ المُصطنعة .

موتي لن يتكرّر , و السّحاباتُ الباكيةُ فوقَ صدرك , كَفَرت بالهجرة الموعودةِ إلى مواطن الدفِْ ..

ما عادَ يعنيني أن أكونَ انت , تكفيني كلُّ تلك الخرائب التي خلّفها الغيابُ في داخلي ..

.
.
.

دعني احتضنُ الوطنَ وأبكي ,

دعني ألملم دموعي المضرّجة بالفقد , لأخيطَ بها جُرحي المكابر ..

وأغمضَ عينيّ لأحلمَ بك ,

كصوتِ البحرِ في حقولِ الهذيان

أعطني وردةً .. ولا تُعطني خُبزاً !





غالباً ما تبدأ العلاقات , بكميةٍ من العسل يغدقه كلّ على الآخر , فلا يرى سوى حلاوة المذاق ولا يتذوق إلا الجمال .

ثم تبدأ بعد ذلك المشاكل والعيوب بالظهور , ويبدأ كلّ في التفتيش عن سيئات الآخر , وتبدأ العلاقة بالانهيار لتنتهي إما بالانفصال , أو بالانفصال الروحي , والثاني أصعب و أشدّ وطئاً .

في العلاقات الزّوجية , يفقد الكثير من الرجال مهاراتهم العاطفية بعد الزواج , فتشغلهم الحياة عن الحفاظ على ذاك الخيط الذي يصلهم بروح المرأة , فيبتعدون عن الكلام الجميل والغزل ومحاولات الاقتراب من قلب الزوجة , وهنا يحضرني مشهدٌ من أحد الأفلام العربية , حيث تقول لزوجها أريد وردة , فيضحك , ويقول : الخبز أهم من الورد , الورد ترف العشّاق !

المرأة كائن عاطفي , تحتاج إلى تلك اللمسات الحانية التي يقوم بها الرجل من وقتٍ لآخر , لتحتفظ بشعورها بأنها الحبيبة التي يحتويها فتحتويه , هي أمورٌ صغيرةٌ , قد يصفها البعض بالتفاهة ولكنّها عظيمةٌ في نظر الأنثى , المشحونة بالمشاعر , والتي بتلك المشاعر فقط , تحتوي قلب الرجل وتأسر روحه .

محورٌ آخر لما أردتُ هنا ...هو الحبّ الذّي يأتي بالعشرة

فلا شكّ أن المشاعر تتطور وتتقارب , وربما تتوحد , ولكن يجب هنا التفريق بين الحبّ والاعتياد , فربما كان من الصّعب الاستغناء عن شيء اعتدت عليه , ولكنه من المستحيل أن تتخلى عن شيءٍ تحبّه .

قد يجلب الاعتياد الحبّ , ولكن الحبّ إذا جلبَ الاعتياد , فعلى العلاقةِ السّلام .. ومن هنا نأتي مجدّدا لفكرة التجديد في العلاقة , رشّات السّكر تلك التي يقوم بها الطرفان في العلاقات الزوجية , تقوم باعادة الربيع لشتاء الغياب الرّوحي عن الآخر .


المسألة باختصار , هي الشّعور بالآخر , فهم معنى كلمة الآخر ,ووضع التعريف الصّحيح لها على قائمة أولوياتنا .

ختاماً :

همسة لمساءٍ ملأني بوجعهم : انظروا للعلاقات من جانب الآخر , ستبدو بشكلٍ مغايرٍ حتماً !

تحت الصّفر !








وماذا لو كنّا التقينا في نفسِ الأزمِنة ؟

هل كنّا سنتبادلُ الفَقد ؟ أم كنّا سَنرزَحُ تحتَ قيدِ المحبَّةِ الإجباريّةِ الّذي يُطوّقُ عنقَ تفكيرنا بالحريّة ؟

هناكَ شيءٌ واحدٌ سيُجبرنا على الاستمرارِ في الحُبّ ,
وهو تلك النّزعة المتطرّفة في داخلنا للوصولِ إلى الشّمس , حتّى لو كان الثّمنُ رائحةَ جلودِنا المُحترقةِ أمامَ جبروتِ ضِياءِها !

وهناكَ شيئانِ سيجعلانِنا نمشي بمحاذاةِ حائطِ التّردد خِشيَةَ أن تنهدِمَ أعمدةُ النّور المُسندة إليه ,
هذا الشّيئان هُما الخوف من أن نُضاف إلى قائمةِ الأحرارِ السّوداء , و نظرةُ ذاكَ العصفور السّجين داخلَ حُنجرة !

وهناكَ ثلاثةُ أشياءٍ ستحذو بنا حذوَ زوربا , لنرقصَ ألماً و نضربَ بأرواحِنا الأرض علّها تتحطّم فتفقدَ الاحساس بالغربة ,
لذّة الغياب , ورداءُ بائعة الكبريت الممزّق , و ايمانُنا بحتميّة الفراق .

وثمّة أربعةُ أشياءٍ تُجبرنا على التّيبّس كلّما فُتحت بوابّة العبور أمام أحدنا إلى زمنِ الآخر ,
هاجسُ الوطن , والقمعُ السّري , وباكورةُ القمحِ في بيادرِ الرّحيل و عُقدة اللون الأسود .

وثمّة خمسة أشياء تجعلنا نتجاهل ضعفنا الواردَ أعلاه لنركضَ خلفَ لهفتنا المَسروقة ولا نعودَ إلّا بها حتّى لو برفقة أكياسٍ من الحبال الصّوتية المقطوعة ,
الجراح الّتي لا تَندمل , والأطفالُ المصلوبينَ على أعمدةِ الفرح , وأحلامُنا المدهوسَة , و كآبةُ اللّون الابيض المُفرطِ في النّقاء , وجواز سفرنا المزوّر .

فإذا كان ذلك كافياً ليكشفَ لنا ذاك السرَّ الغامض المتعلق في عيني شوقنا المُحتضَرِ كلّ لقاء ,
فقد نمارسُ تبادلَ الأدوار , فيحلّ أحدنا مكانَ الآخر , ليجرّب وصفتَه السّرية للألم .

وإن لم يَكن كافياً فما علينا سوى الاعلان عن مَوتِنا كوظيفةٍ شاغرةٍ قد يملأها أحدٌ ما بعد رحيلنا الحقيقي الممهورِ بختمِ الضّوء .

قوّامونَ على النِّساء !!




تبدأ الأورام غالبا من خلية سليمة تماماً , هناك حيث تتخذ هذه الخلية منحىً مغايراً للطريق السليم وتبدأ في المبالغة في التحسين حتى تصل لمرحلة التضخم حيث لا رجعة هناك إلا لمن رحم ربي ..

وهكذا بدأت قصتنا مع القوامة ..
أنت رجل .. إذن أنت متسلّط على المرأة باسم الدين وبسوط القوامة , تفعل ما يحلو لك .. تسمح .. تمنع .. تغضب و كل تلك المفردات التي تتسلسل مخلّفة وراءها دمارا عاطفيا يتخلل بنيان تلك العلاقة لا يشبهه أي دمار !

ويتراوح الأمر بين تشددّ الأب وتسلّط الأخ و تزمّت الزوج وربما تعنّت الأبناء .. وإذا ما جئت تسألهم قالوا لك : الرجال قوامون على النساء يا أخي !!

هي مثلاً تذهب كلّ يومٍ للجامعة .. قبل خروجها تخضع لتفتيش جمركي كامل يحاول كشف كل الممنوعات التي قد تحملها معها خارج البيت ( ابتسامة , تفاؤل .. ) تقوم به الأم بأوامر طبعاً من الأب .. ثم تخضع للمراقبة الأمنية من المخابرات المتمثلة في سلطة الأخ المسؤول عن تنظيم حركة مرورها من وإلى الحاجز الجمركي .. وتبقى العيون دائما معلقة بذلك المختفي وراء الحاجز الزجاجي المتمثل في الحرية المفقودة والمخبأة تحت أي مسمى آخر .. وتبدأ التجربة بقد يكون هذا المختفي تحت قناع الحرية هو الزواج !!

وهنا يأتي دور الزوج الذي يختصر السلطات جميعها بسلطة واحدة تنحصر في الطاعة .. و تتفاوت بين " ليش تروحين عند أهلك ؟ " في أخفِّ الحالات .. وبين تفتيش الجوال أو المنع الكامل من الخروج وربما تصل لمراحل أخرى تتعلق بطبيعة ارتباط القوامة بمعنى الرجولة لديه !!

ثم يأتي دور الأبناء .. الذين يتحولون بين عشيّة وضحاها من متلقيّن للعطف والحنان والتوجيه التربوي .. إلى قضاة و محامين وربما جلادين !!
وعوداً على بدء .. نعود لمعنى القوامة أو ربما الرجولة المتلخص في الأذهان .. ومعنى المسؤولية التي يحملها الرجل بكونه قد خُلِقَ بصفات فسيولوجية أخرى تجعله الأقوى وتجعله المسؤول عن المرأة في حالات شبه دائمة ..

وينسى الكثيرون أن الرجولة في النهاية ليست " لا " قاطعة و غضب مؤلم وكلمة جارحة واستهزاء بالرأي وسيطرة متعنّتة .. بل هي احتواء و فهم واعٍ تماماً لتلك المسؤولية التي وضعها الله سبحانه وتعالى في أعناقهم وحمّلهم إياها بغرض الحماية والرعاية والحفظ والصون لا التسلط و التشدّد ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلّم أسوةٌ حسنة !

ذلك التشوّه في علاقة البنت بأبيها وأخيها و المرأة بزوجها و أبنائها يدفع بالكثير من العواطف المشتركة نحو الطريق الخاطئ فبدلاً من أن ينشأ الحب ينشأ التظاهر بالحب .. وبدلأ من الاحترام .. الخوف .. و بدلا من أن يصبح هذا البنيان قويا متماسكا يبدأ بالتخلخل من الداخل ويبدأ الكره والحقد والقهر بنخر عظام هذا البنيان حتى يسقط يوماً ما بنتائج غالباً ما تكون سلبية أو ربما قاتلة !!

وربما يقول البعض أن في ما كتبت شيئا من المبالغة , إلا أن الحقيقة أنه هناك الكثير من حالات الشذوذ النفسي والانحراف السلوكي, التي تظهر لدى بعض النساء والفتيات كردّ فعل متجّه نحو أي متنفس تحت أي مسمّى جرّاء تلك الأساليب من تعامل الرجل مع معنى القوامة .. ممّا يحثّ على دقِّ ناقوس الخطر بأن القادم ..سيكون حتماً أسوء !

المطلوب والضروري هو فقط أن نتعامل مع تلك القوامة بوعي أكبر من الطرفين .. أن يفهم كلٌّ دوره في هذه الحياة وأن يعرف كلٌّ واجباته وحقوقه و يعي واجبات الآخر وحقوقه !!

أمّة عربيّة واحدة






كنت صغيرة جدا حينما كانت تتردد كل صباح في أذني تلك العبارة وبتلقائية كنت أرددها وأنا أمام ذلك المرفرف عاليا .. و أكاد لا أصل إلى الحبل الذي يشده للأرض ويمنعه عن التحليق ..

كنت لا أعي تماما مالذي تعنيه تلك العبارات ولا أفهم لماذا بكت أمي ذلك اليوم وتسمرت أمام شاشة التلفزيون ولماذا غضب أبي وتوقف المزاح بين اخوتي .. وكأن في البيت غمامة سوداء .. كنت صغيرة جدا ولم أعي كل ما يحدث حولي ولكن كل ذلك زُرع في ذهني كشجرة .. علمت تماما فيما بعد أي ثمر ستحمل ..

علمت الآن أن تلك العبارة التي كنا نرددها صغارا كانت محاولة لزرع وحدة الامة العربية بداخلنا .. وعلمت أن أمي بكت وأبي غضب واخوتي توقفوا عن اللعب بسبب غزو الكويت ..

وعلمت لماذا كان أبي يتابع أولئك المتحلقين حول طاولة عجيبة الشكل وعلى محياه استياء لم ألمحه على وجهه حتى عندما كنت أنا أُغضبه !!

" أمة عربية واحدة " .. كلمات تُزرع في عقولنا صغارا ونرددها بدون وعي لنفقد الاحساس بها عندما نكبر ونظل نرددها بلا وعي ..

" أمة عربية واحدة " .. وكل جزء من هذه " الواحدة " متفرق مشتت هائم على وجهه ...

" أمة عربية واحدة " .. و جسد واحد إذا اشتكى منه عضو يتداعى له كامل الجسد بالسهر والحمى

" أمة عربية واحدة " ولغة واحدة و ليس يفهم أحدنا الآخر ..

" أمة عربية واحدة " وكل يغني على ليلاه فآخر يرفل يثوب الاستقرار وكثيرون يعانون الموت الجماعي جوعا وقهرا وظلما وتشريدا وقتلا وقتلا وقتلا !!

" امة عربية واحدة " وتاريخ مشترك يجمع بطولات عربية مشتركة .. و صراعات تلك الواحدة لأي جسد كان ينتمي ذلك التاريخ !


" أمة عربية واحدة " وأهداف ليست واحدة و غايات ليست واحدة تبرر الوسائل الـ ليست واحدة !

" أمة عربية واحدة " كشجرة .. كلما انتزعت منها غصنا .. فرحت الأغصان الأخرى بحصولها على غذاءه ومائه .. ومائه ومائه !



أمة عربية واحدة .... وصبرا وشاتيلا وقانا ودير ياسين والقدس وحديثة في العراق وجنوب لبنان .. كل هذه كانت أيضا مجازر واحدة !


أمة عربية واحدة وعدوّ واحد يقطع اليد الأولى لذلك الجسد ويصافح يده الأخرى !


...


وهكذا أصبح الرقم واحد في مخيلتي مكررا .. مكررا .. مكرر !