الاثنين، 12 أكتوبر 2009

انطفاء !


عمركِ يغرقُ لم يعد لديكِ أصابعٌ تُشيرينَ بها
قلبكِ خاوٍ على وحدتِهِ
كبابِ كوخٍ قديمِ على جزيرةٍ غارقة
وحدكِ من ترقصينَ مع الشّموع
على صريرِ الرّياحِ
في سكونِ قلبكِ
تمارسينَ وحشيّةَ المسافات
و تبذرينَ التّرابَ المنهالَ على ذاكرتكِ
حُبّاً و أنينا ..
و حبيبكِ ي...ذكركِ دائماً
و أنتِ تختصرينَ ذاكرتَهُ
كما لو أنّكِ تريدينَ لصوتهِ أن يستمرّ
و لقلبهِ أن ينسى
تقولينَ لهُ أنَّ الحبَّ يفتَحُ كلَّ أوردةِ جسدكِ
و أنّكِ ستنزفينَ حتّى الفراق
فيقولُ لكِ ذلكَ أدنى مراحلِ اللّقاء
تخبريهِ عن انصياعكِ لضجيجِ الوحدة
عن أذنيكِ تشكيانِ صممَ الأحبّة
فيقولُ سيكونُ لعينيكِ وجهٌ جديدٌ
ترتدينَ النّسيانَ السّاقطَ عن كتفيهِ
و ينزعُ كفّيهِ ليرتدي قلبك
تحدّثينهُ عن الانطفاءات
الحزنُ يُطفئ اللّيل
اللّيلُ يُطفئُ الشّمس
الشّمسُ تُطفئُ الشّمع
الشّمعُ يُطفئُ حياةَ الفراشات
ثمَّ لا تصلينَ إلى انطفاءٍ آخر سوى الأمل
الأملُ انطفاؤنا الأخير
الّذي لا ينتظرُ اشتعالاً آخر
لثقتهِ بأنَّ قلوبَنافراشاتٍ صغيرة
و أنّهُ كالحبّ
يُحرقُ كلَّ شيء ..

الأربعاء، 2 سبتمبر 2009

بينَ مطرقةِ التّعريب و سندان العولمة

العالمُ قريَةٌ صغيرةٌ , هكذا هو شعارُ المجالاتِ الحياتيّة اليوم , فمنَ السّياسةِ حتّى التّعليمِ و التّجارةِ و الاقتصاد وصولاً للإعلامِ .. أصبَحنا نعيشُ في عالمٍ صغيرٍ متواصلٍ يرفضٌ النُّظمَ المُغلقة , و يعاقبها بتأخيرٍ حضاريٍّ قد يمتدٌّ إلى عشراتِ الأعوام .
و على الرّغمِ من ذلكَ تبقى مسألةُ الهويّةِ و الخصوصيّة شُغلَ الأممِ الشّاغل , فلكلِّ أمّةٍ طابعها الخاصُّ المرتبطُ بلغتها و تراثها و تكوينها الحضاريّ و التاريخيّ ..و هكذا وَجدَتْ بعضُ مجالاتِ الحياةِ و المنشغلينَ بها أنفسهم في دوّامةٍ هائلةٍ ما بينَ المحافظة على ذاكَ البريق الخاصّ و الاندماج في المفهوم العالمّ للعولمة المساير للحضارة و تطوّرها .
كذلكَ الأمرُ بالنّسبةِ للأمّةِ العربيّة , فعلى الرّغمِ من اختلافِ التّراثِ العربيّ و تنوّعهِ ,إلّا أنَّ اللّغةَ العربيّة بما تمتلكُ من قوّةٍ و حصافةٍ في النّحوِ و الصّرفِ و البلاغة إضافةً لكونها لغةَ القرآن الكريمِ و الدّينِ الإسلاميّ المتكامل , بقيَت ذاكَ الطّابع الفريد الّذي يميّزُ الأمّةَ العربيّةَ و أخذَ المهتمّونَ بها يبحثونَ عن سُبِلِ المحافظةِ على تلكَ اللّغةِ من الاندثارِ و التّحوّلِ بدخول مصطلحاتٍ لغويّةٍ غريبةٍ أو لهجاتٍ تخطفُ بريقَ هذهِ اللغة .مجمعُ اللّغةِ العربيّةِ في دمشق , أحد أهمّ المراكز اللّغوية العربيّة و الّذي تميّزَ منذُ قيام الحكومةِ العربيّةِ في دمشق بعدَ خروجِ الاحتلالِ العثمانيّ , بحرصِهِ على اللّغةِ العربيّةِ من المصطلحاتِ الدّخيلة إضافةً إلى نشاطاتِهِ المميّزةِ آنذاك بتعريبِ التّدريسِ في المدارسِ الّتي كانت تتخذُّ التركيّةَ لغتها الرّسميّة ,يقومُ هذا المجمع اليوم بإصدار قاموسٍ لمصطلحاتِ الحضارة يتناولُ ما يُتداولُ على ألسنة المثقّفينَ من مصطلحاتِ حضاريّةٍ حديثة .بالإضافة إلى دراسةِ إمكانيات تعريبِ العلومِ و تدريسها في الجامعاتِ باللّغةِ العربيّة , مما يؤدّي إلى الحفاظِ على اللّغةِ العربيّةِ و إثرائها بالعلومِ و الفنونِ .
يدرّسُ الطِّبُّ مثلاً في بعضِ الدّول العربيّة باللغة العربيّة إضافةً إلى المصطلحات اللاتينية و الإنكليزية الّتي رغمَ أهميّتها تبقى على هامشِ التّدريس لتحتلَّ المصطلحاتُ العربيّةُ قائمةَ الأولويّة .من الجميلِ طبعاً أن يكونَ لكلِّ داءٍ و دواءٍ و عضوٍ أو جزءٍ في جسمِ الإنسان اسمٌ عربيٌّ فصيحٌ , إلّا أنَّ المُشكلَةَ تكمنُ في حصرِ فرصِ الدّارسينَ على الإطلاع على العلومِ العالميّة و الّتي تتخّذُ تدريجيّاً اللّغةَ الإنكليزية أساساً لها , و في الطِّبِّ طبعا اللاتينية و اليونانيّة ( في علم الأمراضِ و الأدوية ) ممّا يؤدّي أيضاً إلى تحديد التّواصل العلميّ لمجموعةِ المثقفين العرب مع العالم , الّذي لم يعد من الممكن الانعزالُ عنه .
هذا مثالٌ واحدٌ فقط , لما يحصلُ إزاءَ البدءِ بتعريبِ العلومِ , و ما قد يأتي سيحملُ من الإيجابِ و السّلبِ الشَّيءَ الكثير .
و يبقى للمثقّفِ العربيِّ أن يعيَ تلكَ الايجابيّاتِ و السّلبيات و يتعاملَ معها على أسسِ أهميّةِ الاندماجِ و مواكبةِ الحداثةِ و التّطور من جهةٍ , و الحفاظِ على التّراثِ و إحياءِ اللّغةِ من جهةٍ أخرى .

قنديل ثانٍ : تجين نموت !


القنديل الثّاني , تجين نموت !

سوف نلتقي ؟
تقولُها و عيناكَ باردتانِ مثلَ دمعي , و الحزنُ على شفتيكَ يضطرب ,

اليأسُ في حنجرتك يتلعثَم !

أترانا نلتقي ؟

و تترقرقُ الوعودُ على عنقينا , و نحتضنُ المضطرمَ من جُرحيَنا ,

و ترفرفُ على خُطانا أجنحةُ العصافيرِ إذ يضيقُ الأفقُ فتعتنقَ جرحَ طاحونةٍ قديم !

و نتلو قصّةَ السّنا الموعودِ في موتِنا و نعيشُ ارتماءَ الموتِ العميقِ

كما أوّلَ شهقةٍ تُخرجُ الماءَ من رئتينا !

كما أوّلِّ ماءٍ يخرجُ الشّهقةَ من رئتينا !

و نموت ... !

و تخبو الشّموعُ , و تدورُ الظّلالُ حولَ جسدينا ,
و أهفو إليكَ و أنا أعلمُ أنّكَ سبقتني بشهقةٍ واحدة , و تبتعتكَ بألفِ شمعة ,

يكادُ حزني يمّزقُ صدري , و يهفو إلى عينيكَ البعيدتينِ كالصدى في النّجوم ,

و تنحلُّ الغيوم ,

و تنثرُ الريحُ ترابَ الوجعِ على ذاكرةِ الارضِ الملأى بأصواتنا ,

و يبلى كتابٌ ذابلٌ يطلُّ فيهِ وجهي من بين السّطور , و تنفضُ عنهُ أنفاسكَ غفلةَ الأزمنةِ الهاربة ,

و نعقدُ قرانَ اللّقاءِ الاخير , على قبضةِ الأحلامِ المُستقيلة , و نسترجعُ بدمعتينِ صامتتينِ :

شُعاعَ اللّهفةِ الأول على شفتي

و سِترَ الموعدِ المفقود ,

يمزّقُ تحتَ سقفِ الليلِ صحارى من ليالي البُعد

يسدُّ عليَّ بابَ الوحدةِ الموصود

فألقاكَ و تلقاني

و ما غادرتُ أسراري

و لا فارقتَ ذاكرتك

و نتذكّر ...

لهفةَ العشاقَ مصابيحَ السّماء

تقاومُ سطوةَ الرّماد , تنثرُ الضّوءَ بينَ أشباحِ السّحاب

و جدولٌ ينسجُ من أوردةِ الحنينِ

شراعَ سفينةٍ زرقاء

تحرّكها زفراتُ الرّغبةِ الحرّى

و ترسو على جبينِ البعدِ لو سِرّا

فيُصبحُ صوتُ خافقهم ,

ناقوسَ الحبِّ الّذي يأتي

يعرّي رغبةَ الموتِ و يقتلُ خوفَهُ الاعمى !

من وحيِ هذهِ القصيدة , كانَت عصفورةٌ صغيرة ,نبتَ على جناحيها غصنُ ليمون ,
أهداها حرفينِ و أغنية , و كانت هذهِ الورقة !
شُكراً أكرم .
الضّوء :

قنديلٌ لـِ وِدَاد :

قنديلٌ أوّل , لـِ ودَاد ! :

كيفَ أُشفى من جذعِ الهاء ؟

كيفَ أُشفى من جذعِ الهاء ؟

و تلفظني و تربكني ,
و تجمعُ أصابعكَ على هيئةِ صوتيَ و تطلبُ منّي أن أجدّلَ لكَ منهما غيمة !
صوتي و أصابعك ,
و ثالثهما قنديلٌ ضوؤهُ يعبرُ مستحيلاتنا الثلاث , و ينكسرُ عندَ غيابك !
و غيمةٌ بارقةُ الحزنِ ,
منفاها أصلُ حكايتك و وطنها منفاها بدونك ..

:

تهبني عنقَ صفصفافةٍ يتراقصُ عاشقانِ في ظلّها و أراقبُ انا كيفَ يتحوّلُ نسغُ الترابِ إلى حياة ,

كيفَ يتحوّلُ جشعُ اللّيلِ إلى أغنيةٍ للنّهار , إلى أمنيةٍ للنهار ,

كيفَ أُصبحُ انا جناحَ شجرةِ التّينِ و تُصبحُ انتَ تشرينَ السّنابلِ ,
يُخفي عُمرها و يُتابعُ الوقتَ بدلاً عنها حتّى احتضانٍ آخر ,

كيفَ تُصبحُ كِذبةُ الأسوارِ , سِواراً في معصمِي , يشهدُ انَّ النّخيلَ أودعَ آخرَ ثمرهِ بينَ دمي و يديك !

:

و أعرفُ أنَّ مطراً ما سيأتي ,
و أنَّ سنونوةً ستهبُ الأرضَ عينيها و أنّ بُركاناً سيلدُ حُلُماً على هيئةِ واو , واوٌ كتلكَ الّتي يبدأُ فيها اسمي و ينتهي عندها الفراق !

أعرفُ أنّه لم يبقَ على أن أجدكَ سوى اختناقٍ أخيرٍ ,
اختناقٍ يُشبهُ عِناقَ الأسئلةِ الأولى لعينيكَ إذ تختبئُ خلفَ الحزن , عناقاً يشبهُ أسئلةَ الاختناقِ الأولى إذ تحزنُ خلفَ عينيك !

:

و أغنّي وحدي لك :

فنجانكَ المسكوبُ على سوسنةِ الوجعِ في رئتي ,

ظلّكَ و كفَّةُ حزنٍ راجحةٍ و ربيعٌ يأتي دونَ أن أبكي

و أنتَ الأوّلُ ككوكبٍ فضيٍّ من أجلهِ يختبأُ القمرُ في صدري و أصلّي ,

و أنتَ الصّمتُ أزرعهُ , مكانَ الحرفِ في ثغري

أجمعهُ و ينساني , و يجمعني فأنساني ,

و أنتَ جناحُ الجفنِ يوقدُ في سهوهِ

ضوءَ طفولتي النائم , و نارَ الأرضِ في المطرِ

و أنتَ قناعةُ الأرضِ تحنُّ لبحرها الهارب

بأنّ الشّمسَ في عرسٍ و أنَّ الضّوءَ في قارب

يُسابقني إلى صدرك , يُثيرُ شمعةً تورق !

و أنتَ الـ جلّنارُ يُغيظُ الأوكسجينَ في وريديَ الأزرق

و يمنحُ قلبيَ المثقوبَ عِطرَ نبضهِ الأوّل

فيُمسكني و أتركهُ , و يتركني فلا أغرق !

:
القنديل من قصيدة وداد للشّعر خالد صالح الحربي
*[ فَنَاجِيلَك ] تغنّي لك فنا.. جيلك ـــــــ ضَرِيبَة كَونك المَرْكُون في رفّه !
كِذَا يَعْنِي تِنَادِي لك [ مَنَادِيلَك ]ـــــــ على بُعْد انْكِسَار الضَّوء مِن ضِفّه !
إِذَا كلّك عَلى بَعْضَك تَفَاصِيلَك ـــــــ أمَانَة شُوفْ عُمْري النَّاقِص وْ وَفّه !
هِنَا كِنْت أقْتِبِس بَلّور قِنْدِيلك ـــــــ وهِناك الْمُبْتئس بَـ النُّور مِن عِفّه !
هِنَا كِنْت أكْتِبِكْ وَ آعِيد تَرْتِيلك ـــــــ و هِنَا كِنْت أشْطُبِك و آعِيدِك بْخِفّه !
مَعِي بَـ الذَّاكِرة لَيْلِين مِن لَيلك ـــــــ شِفْ اللّي ودّك مْن الْـ مَاضِي تْلفّه !!
[ أنَاجِيلك ] قَرَتْنِي قبل أنَا اجِي لك ـــــــ عَلى جُنْح الْخَيَال وْ رَفْرَفَة : زَفّه !
وَدَاد وْ لاَ مَدَاي إلاّ .. مَدَاهِيلك ـــــــ وَدَادْ الْـ امْتِدَاد لـْ ترجح الكفّه !
مَعِك مَا للْمَسَاء إلا .. يِغَنّي لك ـــــــ و مَعِي هَذَا الْغِنَا مَا يَنْبِس بشِفّه !
طَرِيقِي رِيقِي اللّي مَا يودّي لك ـــــــ نَشَفْ رِيق انْعِتَاقِه دُون مَا تْحفّه !
وش أحْكِي لِك وانَا اللّي كُلّ مَا احْكِي لك ـــــــ أضَيّع هَـ الكَلاَم المُتْعَب بْصَفّه !
بَلاَش مْن الْحَكِي بَآقُول : كلّي لك ـــــــ وَ ابا ارْكُن كُلّ هَذَا الْكُون في رفّه!!

قـــنَـــادِيـْــلـ


زرعتُ قنديلَ شوقٍ في عتمةِ الغياب ..

و زرعوا بنصوصهم قناديلَ نورٍ تُضيءُ ليالي الأروقةِ الجافّة , و الأوقاتِ المُجدبة ..

صافحوا بشعرهم و مشاعرهم , حزنيَ المُعتقل , و بردَ المنفى في روحي ,
و أغاني الفراق الّتي ما فتأت تنبشُ الذّاكرةَ المكلومة و تُعيدُ لعصافيرِ المساءِ أعشاشها المفقودة .
من وحيِ قناديلهم , سأغنّي :

الثلاثاء، 7 يوليو 2009

مروة الشّربيني ضحيّة التطرّف العربيّ و العالميّ !

الصّندوق الأسود للطّائرة الفرنسية الّتي سقطت منذ حوالي أكثر من شهر و سجّلت بذلكَ وصمةَ عارٍ لتاريخ الطّيران الفرنسي قد يحملُ معلوماتٍ تبرئ ساحةَ فرنسا و طيرانها , الأمر الّذي لا ينطبق على الطّائرة اليمنية التي سقطت منذ عدّة أيّام في المحيط الهندي قبالة سواحل جزر القمر , فهي ستدخل ال " بلاك ليست " لشركات الطّيران و سيتمكّن جميع المسافرين من تجنّب الرّكوب فيها بعد الإطّلاع على " فضيحتها " على الانترنت !
و ليسَ في الأمرِ مفارقةٌ تدعو إلى التّعجب , لأنَّ أموراً كهذه أصبحت معتادةً جدّاً و لا أُرجعها إلى النّظرة الدّونيّة المليئة بالاتّهامات أيّاً كان نوعها إلى العرب , بل إلى التّقصير العربيّ في مجال التّطوير و التّحسين و الإعلام بالدّرجة الأولى أيضاً .
مروة الشربيني امرأة مصريّة مثقّفة و أمّ لطفل في الثّالثة من عمره و حامل في شهرها الثّالث , زوجة لمعيد بمعهد الهندسة الوراثية في مصر و الذي حصل على منحة شخصية إلى ألمانيا لدراسة الدّكتوراة و التي كان من المقرر أن يناقش رسالته فيها في الأيام القليلة القادمة , مروة وصلت الأحد الماضي مصر و كان بانتظارها عدد هائل من المصريين و المسؤولين , ليس من أجل تهنئتها و زوجها بل من أجل حمل جثمانها بعد أن قُتلت أمام أعين القضاء الألماني في دريسدن !
و بعيداً عن كون القاتل عاطلاً عن العمل و كونه يعيش على المساعدات التي تقدمها لهُ هيئة العمل و بعيداً عن أصلهِ و فصله , و عن توجهاته الشوفينية أو النّازية . فإنّ مروة لجأت إلى القضاء كما يفعل كل مواطن ألماني حين تعرّضهِ إلى إساءةٍ ما في بلدٍ يحمي القيمة الإنسانية و يشجّع على الحرية الشّخصيّة بعدَ أن وُصِفَت بأنّها " إرهابية و متطرّفة و عاهرة " من رجلٍ لا يعي معنى الاعتدال و الشّرف .
لجوؤها إلى القضاء الذي أنصفها بدورهِ لم يحمِها من أليكس , الذي صرّح بكلِّ وقاحةٍ أمامَ الجميع : " أناسٌ كهولاء لا يستطيع المرء شتمهم , لأنهم ببساطة ليسوا بشراً . " !!
و هيئة الإدّعاء العامّ الّتي طالبت لأليكس في جلسةٍ لاحقة بحكمٍ بالسّجن بدلاً عن الغرامة , لم تظنّ أنّها بذلك تدفعهُ إلى الانتقام بسرعةٍ غير متوقّعة و تقّدم لهُ الفرصة على طبقٍ من فضّة !
18 طعنة , كانَت أكبر بقليل من عددِ الأحلام الّتي رسمتها مروة لها و لعائلتها في بلدِ الحريّة و التّطور و العلم .. 18 طعنة كانت كافية لتودي بأحلام مصطفى ( ابنها ) الطّفوليّة ليردّد فقط " قتلوا ماما .. موّتوا بابا " ..
علوي الدّكتور المبعوث من وزارة التّعليم العالي دفع أيضاً الثّمن غالياً كونهُ عربيّا أسمر , فكانَ من نصيبهِ عيارٌ ناريّ أطلقهُ شرطيٌّ أتى من خارج القاعة لم يميّز الجاني فتوقّع أن يكونَ ذلكَ الأسمر , إضافةً إلى خمس طعناتٍ اخترقت ظهره و رئتهُ و كبده !
و لن أتحدّثَ عن التّعتيم الإعلامي الألماني الّذي لم ينشر الخبر إلا بعد انتشاره على الانترنت , و لكني أتساءل أين الإعلام العربيّ من قضيّة كهذه , تفتحُ ملّفاتٍ كثيرةٍ للجهل و التّطرف و الانشغال بالتّوافه و الاستهلاك و التّخلف الاقتصادي و العلمي و الإعلامي العربيّ و المُقابل بالطّبع بتطرّف عالميّ ؟
الإعلام العربيّ تعرّض للقضيّة - حينَ فعل - بطريقة تلقي الاتّهام على ألمانيا كدولة و تُحيل الموضوع إلى قضيّة دوليّة , إمّا لجهلٍ بوضع النازيين بألمانيا أو تفريغاً للضّغط الدّاخلي المتراكم من الظّلم الخارجي و الدّاخلي الواقع علينا كعرب و مسلمين في جميع أنحاء العالم .
نحنُ نفتقدُ إلى إعلامٍ قادرٍ على معالجة القضايا و مناقشتها من جذورها , يبحث في الأسباب لا في النّتائج و يعتمد على حقائق و مُعطيات من أرض الحدث , ولا مانع من إعطاء تلك القضايا حجماً كبيراً يتوافق مع أهميّتها إلّا أنّهُ يجب أن يعتمد أوّلاً على الموضوعيّة و الواقعيّة .
نحنُ نريدُ إعلاماً يصلُ بقضايانا إلى العالم بصوتٍ عالٍ كالحقّ , لا يعتمد على رشقِ التّهم و نشرِ العداء , بل على تبيانِ الحقائق و المطالبةِ بالحقوقِ بطريقةٍ سويّةٍ و صحيحة .



أمنيات :

لمصطفى : أن يعودَ الأحمرُ لونَ هدايا العيد في عينيه .

لمروة : رحمها الله و أسكنها فسيح جنّاته .

للدكتور علوي : شفاءاً عاجلاً لجسدهِ و قلبه .

و للإعلام العربيّ : شفاءاً عاجلاً لبصرهِ و بصيرته !

الثلاثاء، 28 أبريل 2009

كلُّ العصافيرِ بلا منازل !

حينَ قرّرني الغياب , كنتُ وحدي , وحدي تعني فقط بدونك .


منذ عرفتُكَ غيّرتُ طريقةَ استخدامي للألفاظ , أقولُ وحدي عندما أعني أنّكَ لستَ معي , و أنّي حزينة حينَ تبكي أكتافي مرارةَ انشغالِكَ عنها و أنّي راحلة حينَ تُشيحُ بصوتِكَ عنّي ..


ليسَ غريباً أبداً أن تتغيّر أشياؤنا و أولويّاتُنا من أجل من نحبّ , الغريبُ أن تأخذَ كلُّ الأشكالِ طابَعَ من نحبّ و تتحوّلُ كلُّ العواطِفِ إلى مصدرٍ واحدٍ .. هو من أحبّ !


هكذا كنتُ انا , غريبةً في كلِّ شيءٍ معك , تماماً كما كنتُ غريبةً مع كلِّ أحدٍ بدونك .


لا ترفَع دهشتَكَ و تحدّق في صمتيَ المنطلقِ من أعلى فوّهاتِ جرحيَ الثّائر , دعكَ من أنفاسيَ المتقاطعةِ مع الحروف , تستطيعُ حتماً تخمينَ الحروفِ الّتي أبتلعُ لأجلِ أن أواصلَ الحياةَ .. و الحديثَ إليكَ في غيابك .


امرأةٌ مثلي قادرةٌ على ابتكارِ عالمٍ كاملٍ من كلمةٍ تقولُها متلعثماً , قادرةٌ على أن تنفجرَ صمتاً , حينَ يُفاجئها صمتكَ بالكثيرِ من الظِّلال .


امرأةٌ مثلي تعشقُ الشّمسَ و نيسان و ترتدي حلّةَ الحزنِ ترَفاً بالشّوق , قادرةٌ على أن تُمطركَ بالحضور حينَ تعجزُ عن استبدالِ صمتِكَ بالغياب .


كنتُ دوماً أتساءل : هل نحبُّ من نُشبِه , أم نُشبِهُ من نحبّ ؟


أم أنّهُ الحبُّ يخلطُ بين الأشياءِ بفوضويّةٍ محبّبة , يقلّبُ المشاعرَ على نيرانِ الشّوقِ فيصنعُ منها مزيجاً خطيراً قابلاً لكلِّ شيءٍ .. إلّا التّجمّد !


و ربّما كانَت أنانيّتنا من تحوّلُ الحبَّ في أعيننا إلى مخلوقٍ على مقاسِ رغباتِنا و أحلامنا و أمنياتِنا , بتجاهلٍ كثيرٍ لاختلافِ الآخر , لعمقِ ظنّنا بأنّنا نتشابه !


أنا كنتُ كلَّ ذلك , و هناك خلفَ قفصٍ صغيرٍ كانَ يناجي قلبيَ الصّغيرَ يديكَ كي تُخرجَهُ من النّبضِ إلى اسمك ..


يحدثُ ألّا نسمعَ صوتاً عالياً , في حينَ تنخفضُ كلُّ الاصواتِ حولنا و تسرقُ تركيزَنا , لا لأهميّتها بل لانخفاضِها عن مقدارِ الوضوحِ حتّى لو كانَت هدراً للقلب ..


و ربّما كُنا نُغفلُ صوتَ حلمٍ , آثرنا أن يبقى في غياهبِ النّومِ السّريِّ اللّذيذ , على أن تلفحهُ حرارةُ الواقعِ بفجرٍ قد يكونُ مُشرِقاً .


كنتَ أنتَ دائِماً على حافّةِ الأمان , و قبلَ الغرقِ بنبضٍ, تلكَ المسافةُ الفاصلةُ بينكَ و بينَ الشّوقِ دائماً , كانَت ملجأكَ الوحيدَ منكَ , و انتظاركَ الوحيدِ لي .


ربّما لم نتّفق و لم نتشابه ,

لكنّنا حتماً

غرقنا

معاً .

الاثنين، 26 يناير 2009

من داخلِ المَوت : جيرنيكا !


في ظلِّ ربيعٍ يوقدُ


فانوسَاً من أصلِ حياة

يزرعُ فوقَ الحلمِ شُعاعاً

و يُخبِّر

أنَّ الأطفالَ سُتعمّر

و ستنجبُ شجرةٌ

مدرسَةً

و سينزلُ مطرٌ أحمر

فوقَ سطوحِ الجيران

كان ..

:

و كانَ ..

حصاناً

عن أفواهِ العالم

أوراقَ التّوتِ قد أسقَط

و لم يبقَ

سوى حريّةٍ بجميعِ الألوان

تجلبُ ثوراً بقرونِ الدّنيا

و تُنظّم

ثوراتٍ كُبرى و تعمّم

أنَّ السّيفَ المكسورَ

أبلغُ من حجرٍ

بالديموقراطيّة لا يفهم !

:

و خرجَتْ تحملُ مِصباحاً

لطريقٍ يغلبهُ الجوع

نارٌ و ظلامٌ و دخانٌ

و صراخٌ من شدّتهِ

مقطوع

و آذانٌ كُبرى تتفرّج

و تراقبُ من غيرِ حراك !

:

مريمُ تحملُ عيسى و تقولُ بصوتٍ مغبون

هذا العالمُ أصبحَ ثوراً

هذا العالمُ ريحٌ و ضباب

طِفلٌ يرضعُ لبنَ الموتِ

و موتٌ يقبعُ في الأثداء !

:

رِجلٌ يُمنى تتضخّم

و أخرى باللّهبِ تكشفُ

ما بقيَ على وجهِ الماء

و مصباحٌ من سقفِ الحريّة يتدلّى

يستبدلُ الشّمسَ بقنبلةٍ

و دفاعٌ مسفوكُ العِرضِ

يُنقِذُ نسراً

و يُكافئُ عصفوراً بالقتلِ !

:

اصرخ بالأبيَض و الأسود

قد قاومَ حجرٌ اعصار

و ربيعٌ يأتي رماديَاً

لا أعدادَ و لا أصفار

قتلى كالبحرِ و أكثَر

لا تكعيبَ و لا تجريد

قد فَكَّكنا طعمُ الذُّلّ !
.
.





* اللّوحة لبيكاسو تحملُ اسم جيرنيكا ,
و هيَ مدينةٌ صغيرة تمّ قصفها بالكامل من قِبَل القّوات الالمانيّة خلال الحرب الاسبانيّة الأهليّة عام 1937
حيثُ كانَت مجزرةً هزّت العالم , كما لم تفعل غزّة !

الجمعة، 2 يناير 2009

اسرائيل , مُشكلَةُ العالم !






لم تكن لبنانُ بدايةَ مُشكلتنا مع اسرائيل و لن تكونَ غزّةُ نهايتَها , نعم نحنُ نحتاجُ موقفاًعربيّاً واحداً , موقفاً عربيّاً مختلفاً عن ذاكَ الّذي ننادي بهِ و نندّدُ بنا , و نصمُ أنفسَنا بالذّلِّ و الخيانةِ و العارِ , و نُشبِعُ حكّامنا بالاتّهامات , و ماذا بعد ؟
لا شكَّ أنَّ القرارَارتِ الحاسمةِ بأيدِي ولاةِ الأمرِ و أنَّ لديهم اعتباراتهم السّياسيّة والاقتصاديّة و الدوليّة في اتّخاذ القرارت , مع الأخذ بعينِ الاعتبارِ طبعاً النّظرة الدّوليّة للموقف العربيّ المتخاذل و الغير موحّد و الغير متوازن .
صحيفةٌ ألمانيّة تُطلقُ عنواناً " بالبونت العريض " تقول بأنّ الحكّام العربَ اعتادوا التّفرج , و نحنُ نستنكر و نغضب و نشتم و نرمي بكلِّ اللّائمةِ عليهم , و لكن هل يغيّرُ هذا شيء ؟
أينَ دورُنا نحنُ كأفراد , أينَ الشّعبُ الّذي يريدُ الحياة فيستجيبُ القدر و ينكسرُ القيد ؟ و لا أعني هُنا التمرّدَ و المعارضةَ , إنّما أنوّهُ إلى أنّنا كأفرادٍ قادرونَ على فعلِ الكثير , نحنُ قادرونَ على فتحِ عيونِ العالمِ على مُشكلتنا , العالمُ لا يعرفُ معاناتنا و لم يسبق له أن سمعَ بمشكلتنا , العالمُ يرى ما يُقدّمُ لهُ فقط على طبقٍ اعلاميٍّ مسيّسٍ جاهز , قامَ بإعدادهِ أخطبوطُ الإعلامِ الصّهيونيّ بجدارة , و نحنُ غافلونَ عن ذاكَ السّلاح الّذي ما فتأَ يوّجّهُ الضّربةَ لنا تلوَ الأخرى .
مُشكلتنا مع اسرائيل ليست مشكلةً فرديّة , على اعتبار أنّنا كعرب طرفٌ " واحدٌ " و أنَّ اسرائيلَ طرفٌ آخر , مُشكلتنا مع اسرائيل مُشكلة دوليّة , كلُّ دولِ العالمِ أطرافٌ فاعلةٌ فيها , و اسرائيل تعلمُ هذا جيّداً و تستغلّه في حين أنّنا نكتفي بصراعاتٍ داخليّةٍ داخل هذا " الطّرفِ الواحد " و نتبادلُ تُهم الخيانة !!
يجبُ أن نعي أنَّ مُشكلتَنا مع اسرائيل مُشكلة فيها العديدُ من الأطرافِ الاخرى , التي لم ترى حتّى الآن سوى شكوى اسرائيل و تظلّمها و لم تعرِف عنّا سوى الارهابِ و التطّرف و التّزمتِ و التعطّشِ للدّماءِ باسمِ الاسلام !
غزّة تحترق و الإعلامُ الغربيُّ يذكرُ ضحايا غزّة بالأعدادِ فقط , ثمَّ ينشرُ صورَ الاسرائيليينَ المتأثرينَ بجراحهم أو القتلى بصواريخ حماس , و يبكي عليهم و يُلقي باللّومِ في هذهِ " الكارثةِ الانسانيّة " على حماس و صواريخها المعدودة !
العالمُ أعمى أيها الأصدقاء , نظّارته صُنعت في اسرائيل , لا يرى وجعنا و لا يفقهُ منهُ شيئاً , العالمُ لا يعرفُ أينَ تقعُ غزّة و لا يعرفُ شيئاً عن تاريخِ الاجرامِ الاسرائيليّ في لبنان و فلسطين و الجولان , ليسَت المُشكلةُ في أنَّ اسرائيل ربيبةَ الولاياتَ المتحدّة و حسب , المُشكلةُ في أنَّ النّاسَ في الطّرفِ الآخرِ من الكرةِ الأرضيّة صمٌّ بكمٌ عميٌ عن أصواتنا بفعلِ أخطبوطِ الإعلامِ , و غفلتنا!
أفلا نستطيعُ أن نسلّطَ الضّوءَ اذن على مُشكلتنا ؟

ألا يكفي تباكياً و صراخاً و عويلاً و لنبدأ بفعلِ شيءٍ ما حيالَ هذا الصّمت العالمي تجاه حقوقنا ؟ كلُّ حرفٍ و مقالٍ و معرضٍ و نشرةِ أخبارٍ و برنامجٍ وثائقي سيكونُ لهُ الأثر , لو استطعنا ايصالهُ للعالم , يجبُ أن تعرفَ كلُّ الشّعوبِ بحقوقنا المهضومة و دمائنا الّتي أريقت منذُ عهودٍ و لا زالت , يجبُ أن تفهمَ كلُّ شعوبِ العالمِ حقيقةَ الحربِ في منطقتنا , لم يعد بوسعنا أن نحارِبَ وحدنا , فالرّايُ العالميُّ أصبحَ اليومَ مفصليّاً في حلِّ أيِّ صراع .


نقطة :

400 شهيد و الآلافِ من الجرحى , و لا زالَت اسرائيلُ في نظرِ العالمِ بموقفِ المدافعِ عن نفسه !!