الاثنين، 12 أكتوبر 2009

انطفاء !


عمركِ يغرقُ لم يعد لديكِ أصابعٌ تُشيرينَ بها
قلبكِ خاوٍ على وحدتِهِ
كبابِ كوخٍ قديمِ على جزيرةٍ غارقة
وحدكِ من ترقصينَ مع الشّموع
على صريرِ الرّياحِ
في سكونِ قلبكِ
تمارسينَ وحشيّةَ المسافات
و تبذرينَ التّرابَ المنهالَ على ذاكرتكِ
حُبّاً و أنينا ..
و حبيبكِ ي...ذكركِ دائماً
و أنتِ تختصرينَ ذاكرتَهُ
كما لو أنّكِ تريدينَ لصوتهِ أن يستمرّ
و لقلبهِ أن ينسى
تقولينَ لهُ أنَّ الحبَّ يفتَحُ كلَّ أوردةِ جسدكِ
و أنّكِ ستنزفينَ حتّى الفراق
فيقولُ لكِ ذلكَ أدنى مراحلِ اللّقاء
تخبريهِ عن انصياعكِ لضجيجِ الوحدة
عن أذنيكِ تشكيانِ صممَ الأحبّة
فيقولُ سيكونُ لعينيكِ وجهٌ جديدٌ
ترتدينَ النّسيانَ السّاقطَ عن كتفيهِ
و ينزعُ كفّيهِ ليرتدي قلبك
تحدّثينهُ عن الانطفاءات
الحزنُ يُطفئ اللّيل
اللّيلُ يُطفئُ الشّمس
الشّمسُ تُطفئُ الشّمع
الشّمعُ يُطفئُ حياةَ الفراشات
ثمَّ لا تصلينَ إلى انطفاءٍ آخر سوى الأمل
الأملُ انطفاؤنا الأخير
الّذي لا ينتظرُ اشتعالاً آخر
لثقتهِ بأنَّ قلوبَنافراشاتٍ صغيرة
و أنّهُ كالحبّ
يُحرقُ كلَّ شيء ..

الأربعاء، 2 سبتمبر 2009

بينَ مطرقةِ التّعريب و سندان العولمة

العالمُ قريَةٌ صغيرةٌ , هكذا هو شعارُ المجالاتِ الحياتيّة اليوم , فمنَ السّياسةِ حتّى التّعليمِ و التّجارةِ و الاقتصاد وصولاً للإعلامِ .. أصبَحنا نعيشُ في عالمٍ صغيرٍ متواصلٍ يرفضٌ النُّظمَ المُغلقة , و يعاقبها بتأخيرٍ حضاريٍّ قد يمتدٌّ إلى عشراتِ الأعوام .
و على الرّغمِ من ذلكَ تبقى مسألةُ الهويّةِ و الخصوصيّة شُغلَ الأممِ الشّاغل , فلكلِّ أمّةٍ طابعها الخاصُّ المرتبطُ بلغتها و تراثها و تكوينها الحضاريّ و التاريخيّ ..و هكذا وَجدَتْ بعضُ مجالاتِ الحياةِ و المنشغلينَ بها أنفسهم في دوّامةٍ هائلةٍ ما بينَ المحافظة على ذاكَ البريق الخاصّ و الاندماج في المفهوم العالمّ للعولمة المساير للحضارة و تطوّرها .
كذلكَ الأمرُ بالنّسبةِ للأمّةِ العربيّة , فعلى الرّغمِ من اختلافِ التّراثِ العربيّ و تنوّعهِ ,إلّا أنَّ اللّغةَ العربيّة بما تمتلكُ من قوّةٍ و حصافةٍ في النّحوِ و الصّرفِ و البلاغة إضافةً لكونها لغةَ القرآن الكريمِ و الدّينِ الإسلاميّ المتكامل , بقيَت ذاكَ الطّابع الفريد الّذي يميّزُ الأمّةَ العربيّةَ و أخذَ المهتمّونَ بها يبحثونَ عن سُبِلِ المحافظةِ على تلكَ اللّغةِ من الاندثارِ و التّحوّلِ بدخول مصطلحاتٍ لغويّةٍ غريبةٍ أو لهجاتٍ تخطفُ بريقَ هذهِ اللغة .مجمعُ اللّغةِ العربيّةِ في دمشق , أحد أهمّ المراكز اللّغوية العربيّة و الّذي تميّزَ منذُ قيام الحكومةِ العربيّةِ في دمشق بعدَ خروجِ الاحتلالِ العثمانيّ , بحرصِهِ على اللّغةِ العربيّةِ من المصطلحاتِ الدّخيلة إضافةً إلى نشاطاتِهِ المميّزةِ آنذاك بتعريبِ التّدريسِ في المدارسِ الّتي كانت تتخذُّ التركيّةَ لغتها الرّسميّة ,يقومُ هذا المجمع اليوم بإصدار قاموسٍ لمصطلحاتِ الحضارة يتناولُ ما يُتداولُ على ألسنة المثقّفينَ من مصطلحاتِ حضاريّةٍ حديثة .بالإضافة إلى دراسةِ إمكانيات تعريبِ العلومِ و تدريسها في الجامعاتِ باللّغةِ العربيّة , مما يؤدّي إلى الحفاظِ على اللّغةِ العربيّةِ و إثرائها بالعلومِ و الفنونِ .
يدرّسُ الطِّبُّ مثلاً في بعضِ الدّول العربيّة باللغة العربيّة إضافةً إلى المصطلحات اللاتينية و الإنكليزية الّتي رغمَ أهميّتها تبقى على هامشِ التّدريس لتحتلَّ المصطلحاتُ العربيّةُ قائمةَ الأولويّة .من الجميلِ طبعاً أن يكونَ لكلِّ داءٍ و دواءٍ و عضوٍ أو جزءٍ في جسمِ الإنسان اسمٌ عربيٌّ فصيحٌ , إلّا أنَّ المُشكلَةَ تكمنُ في حصرِ فرصِ الدّارسينَ على الإطلاع على العلومِ العالميّة و الّتي تتخّذُ تدريجيّاً اللّغةَ الإنكليزية أساساً لها , و في الطِّبِّ طبعا اللاتينية و اليونانيّة ( في علم الأمراضِ و الأدوية ) ممّا يؤدّي أيضاً إلى تحديد التّواصل العلميّ لمجموعةِ المثقفين العرب مع العالم , الّذي لم يعد من الممكن الانعزالُ عنه .
هذا مثالٌ واحدٌ فقط , لما يحصلُ إزاءَ البدءِ بتعريبِ العلومِ , و ما قد يأتي سيحملُ من الإيجابِ و السّلبِ الشَّيءَ الكثير .
و يبقى للمثقّفِ العربيِّ أن يعيَ تلكَ الايجابيّاتِ و السّلبيات و يتعاملَ معها على أسسِ أهميّةِ الاندماجِ و مواكبةِ الحداثةِ و التّطور من جهةٍ , و الحفاظِ على التّراثِ و إحياءِ اللّغةِ من جهةٍ أخرى .

قنديل ثانٍ : تجين نموت !


القنديل الثّاني , تجين نموت !

سوف نلتقي ؟
تقولُها و عيناكَ باردتانِ مثلَ دمعي , و الحزنُ على شفتيكَ يضطرب ,

اليأسُ في حنجرتك يتلعثَم !

أترانا نلتقي ؟

و تترقرقُ الوعودُ على عنقينا , و نحتضنُ المضطرمَ من جُرحيَنا ,

و ترفرفُ على خُطانا أجنحةُ العصافيرِ إذ يضيقُ الأفقُ فتعتنقَ جرحَ طاحونةٍ قديم !

و نتلو قصّةَ السّنا الموعودِ في موتِنا و نعيشُ ارتماءَ الموتِ العميقِ

كما أوّلَ شهقةٍ تُخرجُ الماءَ من رئتينا !

كما أوّلِّ ماءٍ يخرجُ الشّهقةَ من رئتينا !

و نموت ... !

و تخبو الشّموعُ , و تدورُ الظّلالُ حولَ جسدينا ,
و أهفو إليكَ و أنا أعلمُ أنّكَ سبقتني بشهقةٍ واحدة , و تبتعتكَ بألفِ شمعة ,

يكادُ حزني يمّزقُ صدري , و يهفو إلى عينيكَ البعيدتينِ كالصدى في النّجوم ,

و تنحلُّ الغيوم ,

و تنثرُ الريحُ ترابَ الوجعِ على ذاكرةِ الارضِ الملأى بأصواتنا ,

و يبلى كتابٌ ذابلٌ يطلُّ فيهِ وجهي من بين السّطور , و تنفضُ عنهُ أنفاسكَ غفلةَ الأزمنةِ الهاربة ,

و نعقدُ قرانَ اللّقاءِ الاخير , على قبضةِ الأحلامِ المُستقيلة , و نسترجعُ بدمعتينِ صامتتينِ :

شُعاعَ اللّهفةِ الأول على شفتي

و سِترَ الموعدِ المفقود ,

يمزّقُ تحتَ سقفِ الليلِ صحارى من ليالي البُعد

يسدُّ عليَّ بابَ الوحدةِ الموصود

فألقاكَ و تلقاني

و ما غادرتُ أسراري

و لا فارقتَ ذاكرتك

و نتذكّر ...

لهفةَ العشاقَ مصابيحَ السّماء

تقاومُ سطوةَ الرّماد , تنثرُ الضّوءَ بينَ أشباحِ السّحاب

و جدولٌ ينسجُ من أوردةِ الحنينِ

شراعَ سفينةٍ زرقاء

تحرّكها زفراتُ الرّغبةِ الحرّى

و ترسو على جبينِ البعدِ لو سِرّا

فيُصبحُ صوتُ خافقهم ,

ناقوسَ الحبِّ الّذي يأتي

يعرّي رغبةَ الموتِ و يقتلُ خوفَهُ الاعمى !

من وحيِ هذهِ القصيدة , كانَت عصفورةٌ صغيرة ,نبتَ على جناحيها غصنُ ليمون ,
أهداها حرفينِ و أغنية , و كانت هذهِ الورقة !
شُكراً أكرم .
الضّوء :

قنديلٌ لـِ وِدَاد :

قنديلٌ أوّل , لـِ ودَاد ! :

كيفَ أُشفى من جذعِ الهاء ؟

كيفَ أُشفى من جذعِ الهاء ؟

و تلفظني و تربكني ,
و تجمعُ أصابعكَ على هيئةِ صوتيَ و تطلبُ منّي أن أجدّلَ لكَ منهما غيمة !
صوتي و أصابعك ,
و ثالثهما قنديلٌ ضوؤهُ يعبرُ مستحيلاتنا الثلاث , و ينكسرُ عندَ غيابك !
و غيمةٌ بارقةُ الحزنِ ,
منفاها أصلُ حكايتك و وطنها منفاها بدونك ..

:

تهبني عنقَ صفصفافةٍ يتراقصُ عاشقانِ في ظلّها و أراقبُ انا كيفَ يتحوّلُ نسغُ الترابِ إلى حياة ,

كيفَ يتحوّلُ جشعُ اللّيلِ إلى أغنيةٍ للنّهار , إلى أمنيةٍ للنهار ,

كيفَ أُصبحُ انا جناحَ شجرةِ التّينِ و تُصبحُ انتَ تشرينَ السّنابلِ ,
يُخفي عُمرها و يُتابعُ الوقتَ بدلاً عنها حتّى احتضانٍ آخر ,

كيفَ تُصبحُ كِذبةُ الأسوارِ , سِواراً في معصمِي , يشهدُ انَّ النّخيلَ أودعَ آخرَ ثمرهِ بينَ دمي و يديك !

:

و أعرفُ أنَّ مطراً ما سيأتي ,
و أنَّ سنونوةً ستهبُ الأرضَ عينيها و أنّ بُركاناً سيلدُ حُلُماً على هيئةِ واو , واوٌ كتلكَ الّتي يبدأُ فيها اسمي و ينتهي عندها الفراق !

أعرفُ أنّه لم يبقَ على أن أجدكَ سوى اختناقٍ أخيرٍ ,
اختناقٍ يُشبهُ عِناقَ الأسئلةِ الأولى لعينيكَ إذ تختبئُ خلفَ الحزن , عناقاً يشبهُ أسئلةَ الاختناقِ الأولى إذ تحزنُ خلفَ عينيك !

:

و أغنّي وحدي لك :

فنجانكَ المسكوبُ على سوسنةِ الوجعِ في رئتي ,

ظلّكَ و كفَّةُ حزنٍ راجحةٍ و ربيعٌ يأتي دونَ أن أبكي

و أنتَ الأوّلُ ككوكبٍ فضيٍّ من أجلهِ يختبأُ القمرُ في صدري و أصلّي ,

و أنتَ الصّمتُ أزرعهُ , مكانَ الحرفِ في ثغري

أجمعهُ و ينساني , و يجمعني فأنساني ,

و أنتَ جناحُ الجفنِ يوقدُ في سهوهِ

ضوءَ طفولتي النائم , و نارَ الأرضِ في المطرِ

و أنتَ قناعةُ الأرضِ تحنُّ لبحرها الهارب

بأنّ الشّمسَ في عرسٍ و أنَّ الضّوءَ في قارب

يُسابقني إلى صدرك , يُثيرُ شمعةً تورق !

و أنتَ الـ جلّنارُ يُغيظُ الأوكسجينَ في وريديَ الأزرق

و يمنحُ قلبيَ المثقوبَ عِطرَ نبضهِ الأوّل

فيُمسكني و أتركهُ , و يتركني فلا أغرق !

:
القنديل من قصيدة وداد للشّعر خالد صالح الحربي
*[ فَنَاجِيلَك ] تغنّي لك فنا.. جيلك ـــــــ ضَرِيبَة كَونك المَرْكُون في رفّه !
كِذَا يَعْنِي تِنَادِي لك [ مَنَادِيلَك ]ـــــــ على بُعْد انْكِسَار الضَّوء مِن ضِفّه !
إِذَا كلّك عَلى بَعْضَك تَفَاصِيلَك ـــــــ أمَانَة شُوفْ عُمْري النَّاقِص وْ وَفّه !
هِنَا كِنْت أقْتِبِس بَلّور قِنْدِيلك ـــــــ وهِناك الْمُبْتئس بَـ النُّور مِن عِفّه !
هِنَا كِنْت أكْتِبِكْ وَ آعِيد تَرْتِيلك ـــــــ و هِنَا كِنْت أشْطُبِك و آعِيدِك بْخِفّه !
مَعِي بَـ الذَّاكِرة لَيْلِين مِن لَيلك ـــــــ شِفْ اللّي ودّك مْن الْـ مَاضِي تْلفّه !!
[ أنَاجِيلك ] قَرَتْنِي قبل أنَا اجِي لك ـــــــ عَلى جُنْح الْخَيَال وْ رَفْرَفَة : زَفّه !
وَدَاد وْ لاَ مَدَاي إلاّ .. مَدَاهِيلك ـــــــ وَدَادْ الْـ امْتِدَاد لـْ ترجح الكفّه !
مَعِك مَا للْمَسَاء إلا .. يِغَنّي لك ـــــــ و مَعِي هَذَا الْغِنَا مَا يَنْبِس بشِفّه !
طَرِيقِي رِيقِي اللّي مَا يودّي لك ـــــــ نَشَفْ رِيق انْعِتَاقِه دُون مَا تْحفّه !
وش أحْكِي لِك وانَا اللّي كُلّ مَا احْكِي لك ـــــــ أضَيّع هَـ الكَلاَم المُتْعَب بْصَفّه !
بَلاَش مْن الْحَكِي بَآقُول : كلّي لك ـــــــ وَ ابا ارْكُن كُلّ هَذَا الْكُون في رفّه!!

قـــنَـــادِيـْــلـ


زرعتُ قنديلَ شوقٍ في عتمةِ الغياب ..

و زرعوا بنصوصهم قناديلَ نورٍ تُضيءُ ليالي الأروقةِ الجافّة , و الأوقاتِ المُجدبة ..

صافحوا بشعرهم و مشاعرهم , حزنيَ المُعتقل , و بردَ المنفى في روحي ,
و أغاني الفراق الّتي ما فتأت تنبشُ الذّاكرةَ المكلومة و تُعيدُ لعصافيرِ المساءِ أعشاشها المفقودة .
من وحيِ قناديلهم , سأغنّي :